شرح قول المصنف "... وإن إنفرد مؤتم بلا عذر بطلت...". حفظ
الشيخ : " وإن إنفرد مؤتم بلا عُذْر بطلت " .
وهذا نُعبِّر عنه بالانتقال من ائتمام إلى انفراد، هل يجوز أو لا؟ يقول المؤلف في هذا تفصيل، إن كان هناك عذر جاز وإن لم يكن عُذْر لم يَجُز.
مثال ذلك دخل المأموم مع الإمام في الصلاة ثم طرأ عليه أن ينفرد فانفرد وأتم صلاته منفردا وانصرف، نقول إذا كان لعُذْر فصحيح وإن كان لغير عُذْر فغير صحيح طيب.
مثال العُذْر، من الأعذار تطويل الإمام، تطويل الإمام تطويلا زائدا على السنّة فإنه يجوز للمأموم أن ينفرد ودليل ذلك قصة الرجل الذي صلى مع معاذ رضي الله عنه وكان مُعاذا يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يرجع إلى قومه فيُصلي بهم تلك الصلاة، فدخل ذات ليلة في الصلاة فابتدأ سورة البقرة فانفرد رجل وصلى وحده ومشى، فلما عَلِم به معاذ رضي الله عنه قال " إنه قد نافق " حيث خرج عن جماعة المسلمين ولكن الرجل شكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدعا معاذا فغضِب عليه وقال له ( أتريد يا معاذ أن تكون فتانا إذا أم أحدكم الناس فليُخفّف ) ولم يُوبّخ الرجل فدل هذا على جواز انفراد المأموم.
السائل : ... .
الشيخ : جواز انفراد المأموم لتطويل الإمام لكن بشرط أن يكون تطويلا خارجا عن السنّة، لا خارجا عن العادة، لو جاء إنسان وأم جماعة كان إمامهم الراتب يُصلي بقراءة قصيرة وبركوع وسجود خفيف فصلى بهم هذا على مقتضى السنّة فإنه لا يجوز لأحد أن ينفرد لأن هذا ليس بعُذْر.
ومن الأعذار أن يطرأ على الإنسان ما يمنع كمال الصلاة مثل صلى مع الجماعة ففُتح المكيّف والمكيّف أمامه ولا يستطيع أبدا أن يُقابل هذا المكيّف، لو بقِيَ مُقابلا له تفجّر صدره، هذا عذر أن ينفرد فيصلي ويُخفّف وينصرف.
طيب من الأعذار أيضا أن يطرأ على الإنسان تقيُّؤ في أثناء الصلاة، ما يستطيع أن يبقى حتى يُكمّل الإمام فعجّل في الصلاة وانصرف.
من الأعذار أيضا أن يطرأ على الإنسان ريح، غازات يشُق عليه أن يبقى مع إمامه فينفرد ويُخفّف وينصرف.
من الأعذار أيضا أن يطرأ عليه احتباس البول يعني يُحْصر ببول أو غائط كما لو كان فيه إسهال مثلا ونزل الغائط بسرعة فانفرد ليُخفّف الصلاة وينصرف، كل هذه أعذار لكن إذا قُدِّر أنه لا يستفيد من مفارقة الإمام شيئا لأن الإمام يُخفّف ولا لو خفّف أكثر من تخفيف الإمام لم تحصل الطمأنينة، فهل يجوز أن ينفرد؟ لا، لماذا؟ لأنه لا يستفيد شيئا بهذا الانفراد.
طيب وعُلِم من قول المؤلف " إن إنفرد مؤتم بلا عذر بطلت " نعم، أنه نعم، أن صلاته تبطل بلا عذر وتصح مع العذر.
ومن العذر أيضا، من العذر أن تكون صلاة المأموم أقل من صلاة الإمام مثل أن يُصلي المغرب خلف من يصلي العشاء على القول بالجواز فإنه في هذه الحال ينفرد ويقرأ التحيّات التشهّد وينصرف أو يدخل مع الإمام إذا كان يريد أن يجْمع مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو حق، وأظنه منصوصَ الإمام أحمد وأن الإمام أحمد نصّ على جواز هذه الصورة.
طيب إذًا يجوز الانفراد في هذه الحال، ما نوع العذر؟
السائل : ... .
الشيخ : لا لا.
السائل : ... .
الشيخ : عذر شرعي، لأنه لو قام مع الإمام في الرابعة بطلت صلاته فهنا الانفراد لعُذْر شرعي.
طيب وإن انفرد بلا عذر فصريح كلام المؤلف أنها تبطل والقول الثاني في المسألة أنها لا تبطل لكن هذا إن قلنا به فيجب أن يُقيّد بما إذا أدرك الجماعة بأن يكون قد صلى مع الإمام ركعة فأكثر، أما إذا لم يكن أدرك الجماعة فإنه لا يَحِل له ترك الجماعة لكن لو صلى ركعة ثم أراد أن ينفرد على القول بأنه يجوز الانفراد بلا عُذْر فإنه حينئذ يجوز أن ينفرد لكن القول بالانفراد بلا عُذْر في النفس منه شيء أما مع العذر الحسي أو الشرعي فلا شك في جوازه.