الكلام على التوحيد وأقسامه وبيان توحيد الربوبية. حفظ
الشيخ : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ونسأل الله أن يختم لنا ولكم بالتوحيد
وآله وأصحابه أجمعين
قال رحمه الله تعالى: " كتاب " التوحيد التوحيد مصدر وحّد يوحد أي جعل الشيء واحدا ، هذا في اللغة أما في الشرع فهو إفراد الله عز وجل بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، إفراد الله تعالى بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات ولهذا قسمه العلماء إلى ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية ، وتوحيد الأسماء والصفات، أما توحيد الربوبية فهو إفراد الله عز وجل بالملك والخلق والتدبير إفراد الله بالخلق والملك والتدبير ، إفراده بالخلق بأن يعتقد الإنسان أنه لا خالق إلا الله عز وجل قال الله تعالى : (( ألا له الخلق والأمر )) وهذه الجملة تفيد الحصر وطريقهُ هنا تقديم الخبر لأن القاعدة في البلاغة أن "تقديم ما حقُه التأخير مفيد للحصر" وكذلك قوله تعالى: (( هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض )) فإنه يفيد اختصاص الخلق بالله عز وجل ولا يرد على هذا ما جاء في الكتاب والسنة من إثبات خالق غير الله مثل قوله تعالى : (( فتبارك الله أحسن الخالقين )) ومثل قول النبي صلى الله عليه وسلم في المصورين : يقال لهم : ( أحيوا ما خلقتم ) لأن هذا الخلق الكائن من المخلوق ليس خلقا حقيقة وإنما هو تحويل للشيء من حال إلى حال وليس إيجاداً بعد عدم، ثم هو أيضا ليس بكامل إذ أنه محصور بما يتمكن الإنسان منه ومحصور أيضاً بدائرة ضيقة ليست شاملة فلا ينافي هذا قولنا: إفراد الله بالخلق ، كذلك إفراده بالملك بأن نؤمن بأنه لا يملك الخلق إلا خالقهم سبحانه وتعالى قال الله تعالى : (( ولله ملك السماوات والأرض )) (( قل من بيده ملكوت كل شيء )) والآيات في هذا كثيرة تدل على أن المنفرد بالملك هو الله سبحانه وتعالى وهذا أيضاً لا ينافيه إثبات الملكية لبعض المخلوقات مثل قوله تعالى: (( إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم )) ومثل قوله: (( أو ما ملكتم مفاتحه )) وما أشبهه وذلك لأن ملك المخلوق ليس كمُلك الخالق فإنه مُلك محدود ، محدود في نطاقه لا يشمل إلا شيئاً يسيرا جدا من هذه المخلوقات فالإنسان يملك ما تحت يده لكن لا يملك ما عند غيره أليس كذلك ؟
الطالب : بلى
الشيخ : ثم هذا الملك أيضا قاصر من حيث الوصف لأن الإنسان لا يملك ما عنده تمام الملك ولهذا لا يتصرف فيه إلا على حسب ما أذن له فيه شرعاً لو أراد الإنسان أن يحرق ماله مثلا قلنا لا يجوز ولو أراد أن يعذب حيوانا تحت يده قلنا لا يجوز لكن الله عز وجل هو الذي يملك ذلك كله وملكه عام شامل كذلك هو المنفرد بالتدبير الذي يدبر الأمر هو الله سبحانه وتعالى وما يحصل للإنسان من التدبير فإنه كما قلنا من قبل في الملك تدبير محصور بما تحت يده وهو أيضا تدبير غير مطلق إذ لا يملك التدبير إلا على حسب ما أذن له فيه شرعا وبهذا صح قولنا إن توحيد الربوبية هو إفراد الله بماذا؟ بالخلق والملك والتدبير واعلم أن هذا القسم من التوحيد لم يعارض فيه المشركون الذين بُعث فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم بل كانوا مقرّين به (( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم )) ويقرون أن الله هو الذي يدبر الأمر وهو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض يقرون بهذا كله لكن هذا لم يدخلهم في الإسلام ولم ينكره أحد من بني آدم معلوم إلا على سبيل المكابرة كما حصل من فرعون حين أنكر الرب عز وجل فقال : (( وما رب العالمين )) وقال لقومه نعم وقال لقومه: (( ما علمت لكم من إله غيري )) وقال لهم: (( أنا ربكم الأعلى )) مكابرة، لأنه يعلم أن الرب غيره كما قال الله عنهم : (( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا )) وقال له موسى وهو يناظره قال له : (( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر )) ومع ذلك لم ينكر ما قال لم أعلم هذا، فهو في نفسه مقر بأن الرب هو الله عز وجل لكنه جحد ذلك مكابرة والعياذ بالله ولم يقل أحد من الخلق إن للعالم خالقين يعني ما فيه أحد جحد توحيد الربوبية على سبيل التعطيل ولا على سبيل التشريك أبدا من الذي أنكره على سبيل التعطيل
الطالب : الجهمية
الشيخ : فرعون نحن نتكلم على الربوبية ما هو على الأسماء والصفات فرعون أنكره على سبيل التعطيل عطل الله من ربوبيته وأنكر وجود الله والذين أنكروا توحيد الربوبية على سبيل التشريك هم المجوس، المجوس قالوا إن للعالم خالقين الظلمة والنور ومع ذلك لم يجعلوا هذين الخالقين متساووين فمن لم يقر بتوحيد الربوبية فهم طائفتان طائفة أنكرت وهذا يُسمى شرك التعطيل بل هو حقيقة جحد مثل فرعون وطائفة أخرى أثبتت لكن مع التشريك مثل هاه المجوس ومع هذا ما قال المجوس إن للعالم خالقين متساووين أبدا يقولون إن النور خير من الظلمة لأنه يخلق الخير والظلمة تخلق الشر والذي يخلق الخير خير من الذي يخلق الشر ، أيضا يقولون إن الظلمة عدم والنور وجود فهو أكمل في ذاته أكمل في ذاته لأن الظلمة عدم ما يضيء والنور إضاءة فهي أكمل في ذاته ويقولون أيضا في فرق ثالث وهو أن النور قديم على اصطلاح الفلاسفة وأما الظلمة فاختلفوا فيها هل هي محدثة أو قديمة على قولين هل بهذا التفصيل أثبتوا للعالم خالقين متساووين
الطالب : لا
الشيخ : أبدا وحينئذٍ نرجع إلى أن مقتضى العقل ألا يكون للعالم إلا خالق واحد وقد دل الله على ذلك بقوله: (( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض )) وحينئذٍ لو أثبتنا للعالَم خالقين لكان كل خالق يريد أن ينفرد بما خلق ويستقل به كعادة الملوك لا يمكن أن يرضى لأحد أن يشاركه وإذا استقل به فإنه أيضاً يريد أمرا آخر وهو أن يكون السلطان له لا يشاركه أحد في السلطان وحينئذ إذا أراد السلطان فإما أن يعجز كل واحد منهما عن الآخر وإما أن يسيطر أحدهما على الآخر ولا لا؟ طيب إن عجز أحدهما عن الآخر ثبتت الربوبية لمن؟
الطالب : للقادر
الشيخ : للقادر ولا لا ؟ إن عجز أحدهما عن الآخر ثبتت الربوبية للقادر وإن عجز كل منهما عن الآخر زالت الربوبية منهما جميعا لأنه تبين أن كل واحد منهما عاجز والعاجز لا يصح أن يكون رباً نعم هذا هو توحيد الربوبية.
وآله وأصحابه أجمعين
قال رحمه الله تعالى: " كتاب " التوحيد التوحيد مصدر وحّد يوحد أي جعل الشيء واحدا ، هذا في اللغة أما في الشرع فهو إفراد الله عز وجل بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، إفراد الله تعالى بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات ولهذا قسمه العلماء إلى ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية ، وتوحيد الأسماء والصفات، أما توحيد الربوبية فهو إفراد الله عز وجل بالملك والخلق والتدبير إفراد الله بالخلق والملك والتدبير ، إفراده بالخلق بأن يعتقد الإنسان أنه لا خالق إلا الله عز وجل قال الله تعالى : (( ألا له الخلق والأمر )) وهذه الجملة تفيد الحصر وطريقهُ هنا تقديم الخبر لأن القاعدة في البلاغة أن "تقديم ما حقُه التأخير مفيد للحصر" وكذلك قوله تعالى: (( هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض )) فإنه يفيد اختصاص الخلق بالله عز وجل ولا يرد على هذا ما جاء في الكتاب والسنة من إثبات خالق غير الله مثل قوله تعالى : (( فتبارك الله أحسن الخالقين )) ومثل قول النبي صلى الله عليه وسلم في المصورين : يقال لهم : ( أحيوا ما خلقتم ) لأن هذا الخلق الكائن من المخلوق ليس خلقا حقيقة وإنما هو تحويل للشيء من حال إلى حال وليس إيجاداً بعد عدم، ثم هو أيضا ليس بكامل إذ أنه محصور بما يتمكن الإنسان منه ومحصور أيضاً بدائرة ضيقة ليست شاملة فلا ينافي هذا قولنا: إفراد الله بالخلق ، كذلك إفراده بالملك بأن نؤمن بأنه لا يملك الخلق إلا خالقهم سبحانه وتعالى قال الله تعالى : (( ولله ملك السماوات والأرض )) (( قل من بيده ملكوت كل شيء )) والآيات في هذا كثيرة تدل على أن المنفرد بالملك هو الله سبحانه وتعالى وهذا أيضاً لا ينافيه إثبات الملكية لبعض المخلوقات مثل قوله تعالى: (( إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم )) ومثل قوله: (( أو ما ملكتم مفاتحه )) وما أشبهه وذلك لأن ملك المخلوق ليس كمُلك الخالق فإنه مُلك محدود ، محدود في نطاقه لا يشمل إلا شيئاً يسيرا جدا من هذه المخلوقات فالإنسان يملك ما تحت يده لكن لا يملك ما عند غيره أليس كذلك ؟
الطالب : بلى
الشيخ : ثم هذا الملك أيضا قاصر من حيث الوصف لأن الإنسان لا يملك ما عنده تمام الملك ولهذا لا يتصرف فيه إلا على حسب ما أذن له فيه شرعاً لو أراد الإنسان أن يحرق ماله مثلا قلنا لا يجوز ولو أراد أن يعذب حيوانا تحت يده قلنا لا يجوز لكن الله عز وجل هو الذي يملك ذلك كله وملكه عام شامل كذلك هو المنفرد بالتدبير الذي يدبر الأمر هو الله سبحانه وتعالى وما يحصل للإنسان من التدبير فإنه كما قلنا من قبل في الملك تدبير محصور بما تحت يده وهو أيضا تدبير غير مطلق إذ لا يملك التدبير إلا على حسب ما أذن له فيه شرعا وبهذا صح قولنا إن توحيد الربوبية هو إفراد الله بماذا؟ بالخلق والملك والتدبير واعلم أن هذا القسم من التوحيد لم يعارض فيه المشركون الذين بُعث فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم بل كانوا مقرّين به (( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم )) ويقرون أن الله هو الذي يدبر الأمر وهو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض يقرون بهذا كله لكن هذا لم يدخلهم في الإسلام ولم ينكره أحد من بني آدم معلوم إلا على سبيل المكابرة كما حصل من فرعون حين أنكر الرب عز وجل فقال : (( وما رب العالمين )) وقال لقومه نعم وقال لقومه: (( ما علمت لكم من إله غيري )) وقال لهم: (( أنا ربكم الأعلى )) مكابرة، لأنه يعلم أن الرب غيره كما قال الله عنهم : (( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا )) وقال له موسى وهو يناظره قال له : (( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر )) ومع ذلك لم ينكر ما قال لم أعلم هذا، فهو في نفسه مقر بأن الرب هو الله عز وجل لكنه جحد ذلك مكابرة والعياذ بالله ولم يقل أحد من الخلق إن للعالم خالقين يعني ما فيه أحد جحد توحيد الربوبية على سبيل التعطيل ولا على سبيل التشريك أبدا من الذي أنكره على سبيل التعطيل
الطالب : الجهمية
الشيخ : فرعون نحن نتكلم على الربوبية ما هو على الأسماء والصفات فرعون أنكره على سبيل التعطيل عطل الله من ربوبيته وأنكر وجود الله والذين أنكروا توحيد الربوبية على سبيل التشريك هم المجوس، المجوس قالوا إن للعالم خالقين الظلمة والنور ومع ذلك لم يجعلوا هذين الخالقين متساووين فمن لم يقر بتوحيد الربوبية فهم طائفتان طائفة أنكرت وهذا يُسمى شرك التعطيل بل هو حقيقة جحد مثل فرعون وطائفة أخرى أثبتت لكن مع التشريك مثل هاه المجوس ومع هذا ما قال المجوس إن للعالم خالقين متساووين أبدا يقولون إن النور خير من الظلمة لأنه يخلق الخير والظلمة تخلق الشر والذي يخلق الخير خير من الذي يخلق الشر ، أيضا يقولون إن الظلمة عدم والنور وجود فهو أكمل في ذاته أكمل في ذاته لأن الظلمة عدم ما يضيء والنور إضاءة فهي أكمل في ذاته ويقولون أيضا في فرق ثالث وهو أن النور قديم على اصطلاح الفلاسفة وأما الظلمة فاختلفوا فيها هل هي محدثة أو قديمة على قولين هل بهذا التفصيل أثبتوا للعالم خالقين متساووين
الطالب : لا
الشيخ : أبدا وحينئذٍ نرجع إلى أن مقتضى العقل ألا يكون للعالم إلا خالق واحد وقد دل الله على ذلك بقوله: (( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض )) وحينئذٍ لو أثبتنا للعالَم خالقين لكان كل خالق يريد أن ينفرد بما خلق ويستقل به كعادة الملوك لا يمكن أن يرضى لأحد أن يشاركه وإذا استقل به فإنه أيضاً يريد أمرا آخر وهو أن يكون السلطان له لا يشاركه أحد في السلطان وحينئذ إذا أراد السلطان فإما أن يعجز كل واحد منهما عن الآخر وإما أن يسيطر أحدهما على الآخر ولا لا؟ طيب إن عجز أحدهما عن الآخر ثبتت الربوبية لمن؟
الطالب : للقادر
الشيخ : للقادر ولا لا ؟ إن عجز أحدهما عن الآخر ثبتت الربوبية للقادر وإن عجز كل منهما عن الآخر زالت الربوبية منهما جميعا لأنه تبين أن كل واحد منهما عاجز والعاجز لا يصح أن يكون رباً نعم هذا هو توحيد الربوبية.