قال المصنف رحمه الله تعالى : ومن توهم التناقض في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو بينهما فذلك إما لقلة علمه أو قصور فهمه أو تقصيره في التدبر , فليبحث عن العلم , وليجتهد في التدبر حتى يتبين له الحق , فإن لم يتبين له فليكل الأمر إلى عالمه , وليكف عن توهمه , وليقل كما يقول الراسخون في العلم : << ءامنا به كل من عند ربنا >> [ آل عمران : 7 ] , وليعلم أن الكتاب و السنة لا تناقض فيهما و لا بينهما ولا اختلاف . حفظ
الشيخ : طيب، يقول المؤلف : " ومن توهم التناقض في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو بينهما فذلك إما لقلة علمه " يعني أن علمه قليل، ما راجع ولا أدرك العلم، ومن كان علمه قليلا فناد عليه بالجهل.
" أو قصور فهمه " يعني أن علمه واسع لكنه ايش؟ قاصر الفهم، والناس يختلفون في الفهم اختلافا عظيما. من الناس من يفهم من آية واحدة مثلا عشر مسائل، وآخر لا يفهم منها إلا مسألة واحدة. يختلف الناس اختلافا عظيما في فهم كتاب الله وسنة رسوله.
ولهذا لما قال أبو جحيفة لعلي بن أبي طالب : ( هل عهد إليكم النبي صلى الله عليه وسلم بشيء؟ قال : لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهما يؤتيه الله تعالى في كتابه ) إلا فهما. والناس يختلفون اختلافا عظيما في الفهم.
انظر إلى هذا الفهم الدقيق أن أقل الحمل الذي يمكن أن يعيشه الجنين كم؟ ستة أشهر من أين أخذناها؟ ليس في القرآن ولا في السنة، أخذ من آيتين قال الله تعالى : (( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا )) كم ثلاثين شهرا؟ سنتان ونصف، وقال : (( وفصاله في عامين )) أسقط عامين من ثلاثين شهرا كم يبقى؟ ستة أشهر. إذن الحمل أقله ستة أشهر، وأمثال هذا كثير.
نعم أيضا قلة علم الثاني قصور الفهم.
ولهذا يذكر أن بعض العلماء، مو بعض العلماء، بعض الحفاظ كان يحفظ كتاب الفروع، الفروع كتاب فقه ألفه محمد بن مفلح أحد تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وكان من أعلم الناس بآراء شيخ الإسلام في الفقه، حتى كان تلميذ شيخ الإسلام ابن القيم يرجع إلى محمد بن مِفلح صاحب الفروع فيما يتعلق بفقه شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله. ألف كتاب الفروع. وكان أحد الطلبة قد حفظ الكتاب من ألفه إلى يائه حفظا تاما كما يحفظ الفاتحة، لكن لا يفهم شيئا، لا يفهم شيئا إطلاقا، فكانوا فكان طلاب العلم يأتون إليه، لأن الكتب في ذلك الوقت قليلة، يقولون: ماذا ذكر صاحب الفروع في الفصل الفلاني مثلا؟ فيسرد عليهم الفصل والباب وكل شيء، حتى كانوا يلقبونه مع الأسف بحمار الفروع حمار الفروع، لأن الحمار يحمل أسفارا ولا يفهم معناها. وكان في الحقيقة لا ينبغي أن يوصف بهذا، ينبغي أن يوصف بحافظ الفروع.
لكن على كل حال أقول لكم: إن الناس بعضهم يكون قاصر الفهم يحفظ ولا يفهم.
يقول : " أو تقصيره في التدبر" . قد يكون الإنسان عنده علم واسع وعنده فهم ثاقب، لكنه لايتدبر ولا يتأمل، وإذا جلس ينظر في القرآن والسنة ليتدبر ضاق صدره، ضاق صدره ثم - يرحمك الله - ثم أغلق الكتاب. وهذا يوجد في كثير من طلبة العلم اليوم، تجده ليس عنده خلق للمراجعة والتدبر، يريد علما يكون مبردا دون أن يتولى طبخه ونضجه.
يقول : " فليبحث عن العلم، وليجتهد في التدبر حتى يتبين له الحق ". فعل ذلك واجتهد تدبر، لكن لم يتبين له الأمر، فماذا يصنع؟
يقول : " فإن لم يتبين له فليكل الأمر إلى عالمه، وليكف عن توهمه وليقل كما يقول الراسخون في العلم : (( آمنا به كل من عند ربنا )) وليعلم أن الكتاب والسنة لا تناقض فيهما ولا بينهما ولا اختلاف ". إذا وصل إلى هذا الحد يقف.
ومن ذلك ما يتعلق بصفات الله عز وجل، فإن هذا معرك ضنك وباب ضيق، وكثير من الطلبة اليوم يريدون أن يوسعوا هذا الباب.