فوائد حديث : ( ... عن أنس قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما فقلنا ما أضحكك يا رسول الله قال أنزلت علي آنفا سورة فقرأ (( بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر )) ثم قال أتدرون ما الكوثر فقلنا الله ورسوله أعلم قال فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم فيختلج العبد منهم فأقول رب إنه من أمتي فيقول ما تدري ما أحدثت بعدك زاد بن حجر في حديثه بين أظهرنا في المسجد وقال ما أحدث بعدك ) حفظ
الشيخ : هذا مما استدل به من قال إن البسملة آية من كل سورة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أنزلت علي سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، ولكن الصواب أن البسملة آية مستقلة وأنها تذكر عند ابتداء السور ، الفاتحة البقرة آل عمران وهلم جرا ، إلا براءة فإنه ليس فيها بسملة وسبب ذلك أن الصحابة رضي الله عنهم أشكل عليهم هل هي بقية الأنفال أم هي سورة مستقلة ، فقالوا نجعل المسألة بين بين ، لا نبدأها بالبسملة فتكون مستقلة ولا نلحقها بالأنفال فتكون من الأنفال وإنما نضع فصلا ، هكذا جاء في الحديث ، وربما يقال إن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يقل اكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم ، وكان يأمرهم أن يكتبوا كل آية في محلها من كل سورة ، وهذه لم يأمرهم بها ، وقد زعم بعض العوام وأيضا بعض العلماء أنها لم تكتب فيها البسملة لأنها نزلت بالسيف ، والسيف قتل فلا يناسب أن تبدأ هذه السورة بالبسملة ، لكن هذا غلط فيقال من قال هذا ؟ ثم يقال السيف هل هو نقمة أو رحمة ؟ رحمة لأنه يوصل به إلى الحق ، فهؤلاء الكفار إن لم يخافوا من السيف لم يسلموا ، ولم يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، وفي قوله : (( إنا أعطيناك الكوثر ))، أعطيناك الكوثر الكاف مفعول أول والكوثر مفعول ثاني ، وهذه الصيغة فوعل تدل على التكثير ، ولهذا جاء في الحديث خير كثير ، (( فصل لربك )) وانحر أي شكرا لله عز وجل على هذه النعمة العظيمة صل لله وانحر له ، والمراد بالصلاة الصلاة المعروفة وبالنحر التقرب إلى الله تعالى بذبح الإبل ، ومثلها أيضا الغنم والبقر ، (( إن شانئك هو الأبتر )) أي مبغضك ، والشنآن البغض ، قال الله تعالى : (( ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا )) ، قال أهل العلم وإذا كان شانيء النبي صلى الله عليه وسلم أبتر فشانئ سنته أبتر وأبتر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما شرف بأيش ؟ بالرسالة وهو أهل لها صلوات الله وسلامه عليه ، فمن شنأ رسالة النبي صلى الله عليه وسلم فهو الأبتر المقطوع الخير المقطوع البركة ، وفي هذا دليل على أن الإنسان إذا حصل له ما يسره فإنه يتبسم فرحا بما حصل له.