تفسير قوله تعالى:" فيومئذ لا يعذب عذابه أحد. ولا يوثق وثاقه أحد " والكلام على فتنة المحيا والممات حفظ
قال تعالى: (( فيومئذ لا يعذِّب عذابه أحد، ولا يُوثَق وثاقه أحد )): يعني في هذا اليوم لا أحد يعذب عذابه، ولا أحد يوثق وثاقه، ومعلوم أن هذا الكافر، المؤمن يأتينا ذكر المؤمن إن شاء الله، الكافر لا يعذب أحد عذابه في ذلك اليوم و أخبركم لماذا؟ لأنه يُلقى على أهل النار في الموقف العطش الشديد، فينظرون إلى النار كأنها السراب، والسراب هو ما يشاهده الإنسان في أيام الصيف في شدة الحر من البقاع حتى يخيل إليه أنه الماء، ينظرون إلى النار كأنها سراب وهم عطاش، فيتهافتون عليها يذهبون إليها سراعاً يريدون أي شيء؟ يريدون الشرب، فإذا جاؤوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها: (( ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا )). قد قامت عليكم الحجة فيوبخونهم قبل أن يدخلوا النار، والتوبيخ عذاب قلبي وألم نفسي قبل أن يذوقوا ألم النار - أعاذنا الله وإياكم منها -، في النار يوبخهم الجبار عز وجل توبيخاً أعظم من هذا. ويقولون (( ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين. ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون )) قال الله تعالى وهو أرحم الراحمين: (( اخسئوا فيها ولا تكلمون )). أبلغ من هذا الإذلال،- والعياذ بالله -: (( اخسئوا فيها ولا تكلمون )) يقوله أرحم الراحمين، فمن يرحمهم بعد الرحمن؟! لا راحم لهم، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن أهون أهل النار عذاباً من عليه نعلان يغلي منهما دماغه، ولا يرى أن أحداً أشد منه عذاباً يرى أنه أشد الناس عذاباً وهو أهونهم عذاباً، وعليه نعلان يغلي منهما الدماغ، النعلان في أسفل البدن والدماغ في أعلاه، فإذا كان أعلى البدن يغلي من أسفله، فالوسط من باب أشد ـ أجارنا الله وإياكم من النار ـ (( فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد )) لأنهم ـ والعياذ بالله ـ يوثقون (( ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه )). أدخلوه في هذه السلسلة تغل أيديهم ـ نسأل الله العافية ـ ولا أحد يتصور الآن ما هم فيه من البؤس والشقاء والعذاب، والله إن الإنسان أحياناً ليتمنى أنه لم يخلق خوفاً من النار، هذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: " ليت أمي لم تلدني، ليتني شجرة تعضد "، لأن الإنسان ما يدري، ما يدري ما هو عليه الآن هل هو على صواب أو هو على خطأ؟ هل في عباداته رياء؟ هل في عباداته بدعة؟ ثم لا يرى أيضاً وهو أخطر لا يرى ماذا يختم له به؟ ( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها )، من الذي يأمن عند الموت أن يصد أو يضل ويأتيه الشيطان ويقول أنا أبوك، اترك يا بني الإسلام وكن نصرانياً أو يهودياً، إن بعض الناس - والعياذ بالله - عند الموت يفتن، تعرض عليه الأديان، ويقال له اختر النصارى اختر اليهود فأعرض عن الإسلام، ولهذا نعوذ من فتنة المحيا وإيش؟ والممات، ومن الذي يأمن؟ أسأل الله أن يحسن لي ولكم الخاتمة، من الذي يأمن؟ إذن على الإنسان أن يستعد قبل أن (( يقول يا ليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد )) .