تفسير قوله تعالى:" فادخلي في عبادي. وادخلي جنتي " وبيان أقسام الناس من حيث الهداية والضلالة حفظ
(( فادخلي في عبادي )) أي: ادخلي في عبادي الصالحين، من جملتهم، لأن الصالحين عباد الله هم خير طبقات البشر، والبشر طبقاته ثلاث: منعم عليهم، ومغضوب عليهم، وضالون، كل هذه الطبقات مذكورة في سورة، واش هي؟ سورة الفاتحة (( اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم. غير المغضوب عليهم ولا الضالين )).وأنا أسألكم، أنتم عندما تقرؤون هذه الآية في أحدكم يشعر بأن الذين أنعم الله عليهم هم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون، ويشعر بأنه يسأل الله أن يهديه صراط هؤلاء؟ أكثر الناس لا يشعر لكن ما يشعر أن هذه تاريخ يشير إلى تاريخ الأمم. وأما الطبقة الثانية: (( المغضوب عليهم )): هم اليهود وأشباه اليهود من كل من علم الحق وخالفه، فكل من علم الحق وخالفه ففيه شبه من اليهود، كما قال سفيان بن عيينة ـ رحمه الله ـقال : " من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود ". و : (( الضالون )) من؟ النصارى، هم الذين جهلوا الحق، أرادوه لكن عموا عنه - والعياذ بالله -، ما اهتدوا إليه، قال ابن عيينة: و" كل من فسد من عبّادنا ففيه شبه من النصارى "، لأنهم العبّاد يريدون الخير يريدون العبادة لكن ما عندهم علم ، فهم ضالون. فأقول يا أخواني الناس طبقات ثلاثة :المنعم عليهم والمغضوب عليهم. والضالون. ولذا يقول:(( ادخلي في عبادي ))، من العباد؟ المراد أي الطبقات؟ الطبقة الأولى المنعم عليهم. (( وادخلي جنتي )) أي جنته التي أعدها الله عز وجل لأوليائه - نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهلها -، أضافها الله إلى نفسه تشريفاً لها وتعظيماً، وإعلاماً للخلق بعنايته بها جل وعلا، والله سبحانه وتعالى قد خلقها خلقاً غير خلق الدنيا، خلق لنا في الدنيا فاكهة، ونخلا، ورمانا، في الجنة فاكهة، ونخل، ورمان، أتظنون أن ما في الجنة كما في الدنيا؟ كلا، أبداً لا يمكن، لأن الله يقول: (( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين )). ولو كان ما في الجنة كالذي في الدنيا لكنا نعلم، إذاً هو مثله في إيش؟ في الاسم، لكن ليس مثله في الحقيقة ولا في الكيفية ولهذا قال: (( ادخلي جنتي )) فأضافها الله إلى نفسه للدلالة على شرفها وعناية الله بها، وهذا يوجب للإنسان أن يرغب فيها غاية الرغبة، كما أنه يرغب في بيوت الله التي هي المساجد، لأن الله أضافها إلى نفسه، فكذلك يرغب في هذه الدار التي أضافها الله إلى نفسه، والأمر يسير، قال رجل للرسول صلى الله عليه وسلّم: دلني على عمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، فقال: ( لقد سألت عن عظيم )- وهو صحيح عظيم -، (( فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز ))، ولكن- ( وإنه ليسير على من يسره الله عليه ) - اللهم يسرنا لليسرى-، ( تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة ... )، وذكر الحديث، المهم أن الدين والحمد لله يسير سهل، لكن النفوس الأمّارة بالسوء هي التي تحول بيننا وبين ديننا ، والشهوات، والشبهات، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب.