معنى قوله:( سوف تفترق بضعاً وسبعين ) ذكر حديث الافتراق، وسبب الافتراق إما لشبهة أو شهوة. حفظ
الشيخ : " سوف تفترق بضعا وسبعين اعتقادا " البضع ما بين الثلاثة إلى التسعة، والمراد به هنا الثلاثة كما جاء في الحديث: ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ) فهذه بضع وسبعون.
وإنما افترقت على ثلاث وسبعين، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال عن هذه الأمة: ( لتتبعن سنن من كان قبلكم، قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن ) والمتبع لسنة من كان قبله مخالف لشريعته، فإذا كان اليهود إحدى وسبعين، والنصارى ثنتين وسبعين، وارتكب أحد من هذه الأمة طريقة النصارى صار الضلال في ثنتين وسبعين فرقة، فيبقى فرقة واحدة هي التي خرجت عن مشابهة اليهود والنصارى، وصارت على ملّة الرسول عليه الصلاة والسلام، ولهذا قال المؤلف رحمه الله:
" والمحق ما كان في نهج النبي المصطفى *** وصحبه من غير زيغ وجفا ".
والغريب أن هذه الفرق كلها تدّعي أنها على الحقّ، فالذي على الحق منها أمره واضح، والذي على غير الحق ويدّعي أنه على الحق نقول: هذا لا تخل حاله من أحد أمرين، إما شبهة عرضت له فظنّ أن ما عليه هو الحق، وإما شهوة عرضت له أراد بذلك الرئاسة الجاه فبقي على الضلال مدّعيا أنه على الحق.
فالعوام المتّبعون لأئمة البدع الذي حملهم على الخروج عن الحقّ شبهة ولا شهوة؟ شبهة، لأن العامي لا يدري فظن أن هذا هو الحق، وأئمة البدع الضالون هؤلاء عرض لهم شهوة، لأن الغالب عليهم أنهم يعرفون الحق، لكن أصروا على ما هم عليه من أجل البقاء على رئاستهم وعلى قيادتهم والعياذ بالله، مثل ما صنع أئمة الكفر في الجاهلية كأبي جهل وغيره بقوا على الضلال مع علمهم بالحق، وكما فعل فرعون، فرعون يعلم أنه على باطل وأن الحق فيما جاء به موسى ومع ذلك بقي على باطله.
طيب، إذن نقول: إن هذه الفرق الثلاث والسبعين كل واحدة منها تعتقد أنها على صواب وعلى حقّ، فالذين أصابوا ما عليه الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه هؤلاء على الحق ولا شك، والذين خالفوه عرضت لهم إما شبهة وإما شهوة.