بيان المسجد الحرام المقصود بالتضعيف أهو مسجد الكعبة أم جميع المساجد التي في مكة ؟ حفظ
الشيخ : قوله هنا في : ( إلا مسجد الكعبة )، هذا هو الصحيح أن التفضيل الذي خير من مئة ألف صلاة إنما هو خاص بمسجد الكعبة، وأما سائر المساجد في مكة فهي أفضل من مساجد الحل بلا شك، لكنها لا يحصل فيها هذا التفضيل. وأما من قال إنه عام في جميع الحرم، واستدل بقوله تعالى: (( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى )) قالوا : وقد أسرى به من بيت أم هانئ فإنه ضعيف، لأنه صح في البخاري أنه أسري به من الحجر، حجر الكعبة وهو من المسجد الحرام بلا شك.
والمسجد الحرام يطلق على المسجد نفسه مسجد الكعبة وربما يطلق على جميع الحرم، لكن لا يطلق على جميع الحرم إلا بقرينة.
واستدل بعضهم على أنه عام بقوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام )) قالوا والمشركون لا يدخلون الحرم كله، وهو دليل على أن المسجد الحرام هو الحرم كله.
فيقال: هذه الآية دليل عليكم على من قال إن المراد بالمسجد الحرام عموم الحرم، لأن قوله لا يقرب ليس كقوله لا يدخل، ومعلوم أن الكافر يجوز أن يصل إلى أدنى نقطة من الحل، وإن لم يكن بينه وبين الحرم إلا شعرة واحدة، ولو قلنا إن المسجد الحرام هو كل الحرم لقلنا يجب أن يكون هناك حدود تبعدهم عن قربان حدود الحرم، وليس كذلك.
المهم أن الذي يتبين لي من السنة أن التضعيف بكونه خيراً من مئة ألف صلاة خاص بالمسجد الذي فيه الكعبة، الذي يصح فيه الطواف، والذي تشد إليه الرحال، ولذلك لا أحد يقول يشد الرحل إلى مسجد في العزيزية أو مسجد في الشبيكة أو ما أشبه ذلك، إنما تشد الرحال إلى مسجد الكعبة.
لكن لو قال قائل : أرأيت لو كان حضوري إلى مسجد الكعبة فيه مشقة وزحام شديد وإيذاء للناس وتأذٍ بهم وربما لا يتيسر لي أن أركع ركوعاً تاماً أو سجوداً تاماً أيهما أفضل أن أرتكب هذه الأشياء أو أصلي في أي مسجد من مساجد مكة بطمأنينة وهدوء؟ لقلنا بالثاني، لأن هذه الفضيلة أعني الهدوء والطمأنينة تعود إلى ذات العبادة، والفضيلة التي تتعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة من الفضيلة التي تتعلق بزمانها أو مكانها، كما هو مقرر معروف عند العلماء، وكما دلت عليه السنة بأن مراعاة ذات العبادة أولى من مراعاة الزمان والمكان. نعم. جاءت الأسئلة ؟