تفسير قول الله تعالى : (( ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة )) حفظ
ثم قال اللهُ تعالى: -مُقَرِّرًا ما أنعَمَ اللهُ به على عبادِه-: (( أَلَمْ تَرَوْا )) تَعْلَمُوا يا مُخَاطَبِين (( أنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ )) مِن الشَّمْس والقمَر والنُّجوم لِتَنْتَفِعُوا بها (( وَمَا فِي الأَرْضِ )) مِن الثِّمَار والأنهَار والدَوَابّ (( وَأَسْبَغَ )) أَوْسَعَ وَأَتَمّ (( عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً )) وهي حُسْنُ الصورة وتَسْوِيَةُ الأعْضَاء وغير ذلك (( وَبَاطِنَةً )) وهي المعْرِفَةُ وغَيرُها " يُقرِّرُ اللهُ تعالى في هذه الآيَة ما أنْعَمَ اللهُ به على العِبَاد فيقول: (( أَلَمْ تَرَوْا )) وإنما قُلتُ: (يُقَرِّر)، لأنَّ همزةَ الاستِفْهَام إذا دَخَلَتْ على (لَـمْ) أَفَادَت التَّقْرِير فيَنْقَلِبُ الفِعْل المـُضَارِع إلى مُؤَوَّلٍ بماضٍ مُؤَكَّدٍ بـ(قَد)، كمثَل (ألَمْ تَرَوْا) أي قد رَأَيْتُم، (( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ )) أي قَدْ شَرَحْنَا لَك صَدْرَك، طيب، إذاً للتقرِير لِمَاذا؟ لأنَّه إذا دخلت همزَةُ الاستفْهَام على (لَـمْ) أفادَت التقرِير فينقلبُ الفعلُ المضارع فِي المعْنَى إلى فِعْلٍ ماضٍ مُؤَكَّدٍ بـ(قد) فيكون معنى (ألم تروا) أي: قد رَأَيْتُم، ولهذا في سُورَةِ (ألم نشرَحْ لك) قال الله تعالى: (( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ )) بعدَه؟ (( وَوَضَعْنَا )) فَعَطَفَ فِعْلًا ماضِيًا على ما سَبَق، لأنَّ ما قبْلُه بمعنى الفِعْلِ الـمَاضِي.
وقولُه: (( أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ )) (سَخَّرَ) بمعنى ذَلَّل ذَلَّلَها لَكم أو لِمَصَالِحِكُم ومَنَافِعِكُم (( مَا فِي السَّمَاوَاتِ )) يقول المؤلف: " مِن الشَّمس والقمَر والنُّجُوم " وهذا على سبيل التمْثِيل وإلَّا فَإِنَّه قَد سَخَّرَ لَنَا أَيْضًا الرِيَاح وهي بَينَ السَّمَاء والأَرْض وسَخَّر لَنا السَّحاب كما قال تعالى: (( وَالسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ والْأَرْضِ )) وهو لنا فهو عامٌّ لِكُلِّ مَا سَخَّرَهُ اللهُ تعالى ...
(( وما في الأرض )) مِن الثِّمار والأنهَار والدَوَابّ وغيرُها أيضًا حتَّى الـمَعَادِن وغيرُها سَخَّرَها الله لنا وذَلَّلَها لَنا، فهذه كُلُّ ما في الأرض مُسَخَّرٌ مُذَلَّل لكنَّ بَعضَه مُسَخَّرٌ بِطَبِيعَتِه، وبعضُه مُسَخَّرٌ بِوَاسِطَة، فالحدِيد والمعادِن وما أشبَهَها مُسَخَّرَة لكنَّها بواسِطَة، والدَوَاب والأنهَار والأشْجَار مُسَخَّرَة بِدُونِ وَاسِطَة، يَجِدُها الإنْسَان مُهَيَّأَة كَامِلَة. وقولُه: (( وَأَسْبَغَ )) فَسَّرَها المؤلِّف بأمْرَيْن بالسَّعَة والإِتْمَام أي " أَوْسَعَ وَأَتَمّ " ومنه إسْبَاغُ الوُضُوءِ على المَكَارِه يعني: إتْمَامُ الوُضُوء، ومعنى (أَسْبَغ) يعني أَوسَعَ وأتَمّ، أمَّا (أتَم) فمثالُه ما ذَكَرْت: إسْبَاغُ الوُضُوءِ على المَكَارِه، وأمَّا (أَوْسَع) فَمِنهُ قولُه تعالى: (( أَنِ اعْمَلْ سَابِغَات )) أي دُرُوعًا سَابِغَات: وَاسِعَة، نعم، ومنها أيضا قولُهم: ثَوْبٌ سَابِغ يعني: وَاسِع ويدْخُل فيه الإتْمَام أيضًا، فالـمُهِم أنَّ الإسْبَاغ يَتَنَاوَل شَيْئَيْن إِتْمَامُ الشَيْء والثاني: تَوْفِيرُه، والنِّعَم التي أنعَمَ اللهُ بها عَليْنَا شَامِلَةٌ لِلْأَمْرَيْن فَهِي وَاسِعَة (( وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا )) وهي أيضًا تامَّة ليس فيها نَقْص، كُلُّ ما يحتاجُه الإنسان في حياتِه بل وكُلُّ ما يحتاجُه في دينِه فإنَّ اللهَ تعالى قد أتمَّه والحَمْدُ لله .
وقولُه: (( ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً )) فسَّر المؤلف الظُّهُور بأنها الحِسِّية الظَّاهِرة، والبَاطِنَة هي المعرِفَة وغيرُها.
الطالب: هي المعروف.
الشَّيخ: لا، المعرفة هي المعرفة -وهو الظاهِر- طيب، النِّعم جعَلَها اللهُ تعالى ظَاهِرَةً وَبَاطِنَة: ظَاهِرَة للعِيَان وذكر المؤلِّف مِن أَمْثِلَتِها حُسْنُ الصُّورَة واسْتِقَامَة ُالخَلْق وما أشبَه ذلك، والباطِنَة يقول: " هي المَعْرِفة "، لأنَّها في القَلْب غيرُ مَعْلُومة وهذا لا شَكَّ أنَّه تَفْسِير نَاقْص جِدًّا، والظاهِرَة أَعَمّ آا؟
الطالب: يقول: المعرُوفة.
الشيخ : لا المَعْرِفة ... المعروف المعْرِفة معْرِفة في القلب يعني العِلْم، الصَّوَاب أنَّها أَعَمُّ مِن ذلك فالنِّعَم إمَّا ظَاهِرَةً لِكُلِّ أَحَد، وإمَّا باطِنَة لا يعلمُهَا إلَّا الإنْسَان، هذا واحِد، وإمَّا ظَاهِرَة أيضًا بحيث كُلٌّ يَعْرَف أنها نِعْمَة، وباطنة بحيث لا يُرَى أنَّها نِعْمَة إلَّا مِن آثارِها، لأن بَعْض الأشيَاء حين وُجُودِها لا تظُنُّ أنَّها نِعْمَة لكن إذا عَرَفْتَ آثَارَها وجدتَّ أنها نِعْمَة، ومنه قولُه تعالى: (( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ )) فإنَّ الإنسان أحيانًا يُصيبُه ما يُصِيبُه مِن قَضَاءِ الله وقَدَرِه فلا يَرَى أنَّها نِعْمَة حتَّى يعْرِف آثَارَهَا فِيما بَعْد، والـمُهِم أنَّ النِّعَم -والحمدُ لله- ظَاهِرة بَيِّنَة لِلعِيَان وعَامَّة شَامِلَة لِلخَلْق، وشيءٌ باطِنٌ لا يعرِفُه إلا مَن أنعمَ اللهُ به علَيه، أيضًا شيءٌ ظَاهِر وَاضِح أنَّه نِعْمَة وشيءٌ باطِن لا يَتَبَيَّن أنَّه نِعْمَة إلا فِيمَا بَعْد
وقولُه: (( أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ )) (سَخَّرَ) بمعنى ذَلَّل ذَلَّلَها لَكم أو لِمَصَالِحِكُم ومَنَافِعِكُم (( مَا فِي السَّمَاوَاتِ )) يقول المؤلف: " مِن الشَّمس والقمَر والنُّجُوم " وهذا على سبيل التمْثِيل وإلَّا فَإِنَّه قَد سَخَّرَ لَنَا أَيْضًا الرِيَاح وهي بَينَ السَّمَاء والأَرْض وسَخَّر لَنا السَّحاب كما قال تعالى: (( وَالسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ والْأَرْضِ )) وهو لنا فهو عامٌّ لِكُلِّ مَا سَخَّرَهُ اللهُ تعالى ...
(( وما في الأرض )) مِن الثِّمار والأنهَار والدَوَابّ وغيرُها أيضًا حتَّى الـمَعَادِن وغيرُها سَخَّرَها الله لنا وذَلَّلَها لَنا، فهذه كُلُّ ما في الأرض مُسَخَّرٌ مُذَلَّل لكنَّ بَعضَه مُسَخَّرٌ بِطَبِيعَتِه، وبعضُه مُسَخَّرٌ بِوَاسِطَة، فالحدِيد والمعادِن وما أشبَهَها مُسَخَّرَة لكنَّها بواسِطَة، والدَوَاب والأنهَار والأشْجَار مُسَخَّرَة بِدُونِ وَاسِطَة، يَجِدُها الإنْسَان مُهَيَّأَة كَامِلَة. وقولُه: (( وَأَسْبَغَ )) فَسَّرَها المؤلِّف بأمْرَيْن بالسَّعَة والإِتْمَام أي " أَوْسَعَ وَأَتَمّ " ومنه إسْبَاغُ الوُضُوءِ على المَكَارِه يعني: إتْمَامُ الوُضُوء، ومعنى (أَسْبَغ) يعني أَوسَعَ وأتَمّ، أمَّا (أتَم) فمثالُه ما ذَكَرْت: إسْبَاغُ الوُضُوءِ على المَكَارِه، وأمَّا (أَوْسَع) فَمِنهُ قولُه تعالى: (( أَنِ اعْمَلْ سَابِغَات )) أي دُرُوعًا سَابِغَات: وَاسِعَة، نعم، ومنها أيضا قولُهم: ثَوْبٌ سَابِغ يعني: وَاسِع ويدْخُل فيه الإتْمَام أيضًا، فالـمُهِم أنَّ الإسْبَاغ يَتَنَاوَل شَيْئَيْن إِتْمَامُ الشَيْء والثاني: تَوْفِيرُه، والنِّعَم التي أنعَمَ اللهُ بها عَليْنَا شَامِلَةٌ لِلْأَمْرَيْن فَهِي وَاسِعَة (( وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا )) وهي أيضًا تامَّة ليس فيها نَقْص، كُلُّ ما يحتاجُه الإنسان في حياتِه بل وكُلُّ ما يحتاجُه في دينِه فإنَّ اللهَ تعالى قد أتمَّه والحَمْدُ لله .
وقولُه: (( ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً )) فسَّر المؤلف الظُّهُور بأنها الحِسِّية الظَّاهِرة، والبَاطِنَة هي المعرِفَة وغيرُها.
الطالب: هي المعروف.
الشَّيخ: لا، المعرفة هي المعرفة -وهو الظاهِر- طيب، النِّعم جعَلَها اللهُ تعالى ظَاهِرَةً وَبَاطِنَة: ظَاهِرَة للعِيَان وذكر المؤلِّف مِن أَمْثِلَتِها حُسْنُ الصُّورَة واسْتِقَامَة ُالخَلْق وما أشبَه ذلك، والباطِنَة يقول: " هي المَعْرِفة "، لأنَّها في القَلْب غيرُ مَعْلُومة وهذا لا شَكَّ أنَّه تَفْسِير نَاقْص جِدًّا، والظاهِرَة أَعَمّ آا؟
الطالب: يقول: المعرُوفة.
الشيخ : لا المَعْرِفة ... المعروف المعْرِفة معْرِفة في القلب يعني العِلْم، الصَّوَاب أنَّها أَعَمُّ مِن ذلك فالنِّعَم إمَّا ظَاهِرَةً لِكُلِّ أَحَد، وإمَّا باطِنَة لا يعلمُهَا إلَّا الإنْسَان، هذا واحِد، وإمَّا ظَاهِرَة أيضًا بحيث كُلٌّ يَعْرَف أنها نِعْمَة، وباطنة بحيث لا يُرَى أنَّها نِعْمَة إلَّا مِن آثارِها، لأن بَعْض الأشيَاء حين وُجُودِها لا تظُنُّ أنَّها نِعْمَة لكن إذا عَرَفْتَ آثَارَها وجدتَّ أنها نِعْمَة، ومنه قولُه تعالى: (( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ )) فإنَّ الإنسان أحيانًا يُصيبُه ما يُصِيبُه مِن قَضَاءِ الله وقَدَرِه فلا يَرَى أنَّها نِعْمَة حتَّى يعْرِف آثَارَهَا فِيما بَعْد، والـمُهِم أنَّ النِّعَم -والحمدُ لله- ظَاهِرة بَيِّنَة لِلعِيَان وعَامَّة شَامِلَة لِلخَلْق، وشيءٌ باطِنٌ لا يعرِفُه إلا مَن أنعمَ اللهُ به علَيه، أيضًا شيءٌ ظَاهِر وَاضِح أنَّه نِعْمَة وشيءٌ باطِن لا يَتَبَيَّن أنَّه نِعْمَة إلا فِيمَا بَعْد