فوائد حديث: ( لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها ... ). حفظ
الشيخ : فنستفيد من هذا فوائد أولًا: تحريم الرجوع في العطية ويؤخذ من قوله: ( لا يحل ).
ثانيًا: إبطال قول من يقول إن العود في الهبة جائز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم شبه ذلك برجوع الكلب في قيئه، ورجوع الكلب في قيئه لا يترتب عليه إثم فيكون جائزًا، فنقول: هذا الحديث مما يرد به على هذا التأويل الفاسد.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يحل للرجل أن يعطي عطية ثم يرجع، فمفهومه أن الأنثى يحل لها أن تعطي العطية ثم ترجع، ولكن هذا المفهوم غير معتبر، وذلك لأن التعبير بالرجل من باب التغليب وكل شيء يؤتى به بناء على التغليب فإنه لا يكون له مفهوم، وعلى هذا فلا يحل للمرأة أيضًا أن تعطي العطية ثم ترجع فيها.
ومن فوائده: أن الإسلام يحث على الأخلاق الكريمة، من فوائد الحديث: أن الإسلام يحث على الأخلاق الكريمة، وجه ذلك أن الرجوع في الهبة خلق ذميم ومن تخلّق به فهو لئيم، والمسلم لا يمكن أن يرجع لأن إسلامه يمنعه من أن يرجع فيما أعطى.
ومن فوائد هذا الحديث: أن عدم الرجوع في الهبة من مقتضيات الإسلام لقوله: ( لا يحل لرجل مسلم ).
ومن فوائده: جواز رجوع الوالد فيما وهب ولده لقوله: ( إلا الوالد فيما يعطي ولده ) وظاهره أنه يشمل الذكر أو الأنثى يعني الأم والأب، وذهب بعض العلماء إلى أنه خاص بالأب وأن الأم لا يحل لها أن ترجع، وعلل ذلك بأن الأب هو الذي يتملك من مال ولده وأما الأم فليس لها حق التملك، فإذا لم يكن لها حق التملك لم يكن لها حق الرجوع في الهبة وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله على أن الرجوع في الهبة جائز نعم للأب خاصة دون الأم، ولكن بعض أهل العلم ذهب إلى العموم وقال لا فرق بين الأب والأم، لأن الحديث يقول الوالد والأم لا شك أنها والدة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا فرق بين أن يكون الولد كبيرًا أو صغيرًا لا فرق أن يكون كبيرًا أو صغيرًا من أين يؤخذ؟ من قوله: ( ولده ) لأنها مفرد مضاف فيعم، ولا بين أن يكون ذكرًا أو أنثى ولا بين أن يعطيه ويعطي إخوانه أو لا ولا بين أن يكون نفقة أو غير نفقة، المهم أن الحديث عام فهل نأخذ بهذا العموم؟ فالجواب أن الأصل الأخذ بالعموم، ولكن إذا وجدت أدلة تخصصّ هذا العموم فإنه يخصص، فنبدأ ننظر الوالد ما يعطي ولده يشمل الصغير والكبير فيه تخصيص؟ لا، طيب الوالد فيما يعطي ولده إذا كان حيلة على أن يفضّل بعض الأولاد مثل أن يعطي الولدين كل واحد سيارة ثم يرجع في عطية أحدهما وهو من الأصل إنما أراد أن يفضّل أحدهما، فهنا نقول الرجوع حرام ما الدليل على هذا التخصيص؟ قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) واضح يا جماعة؟ أنتم تسألون عن المسألة زين ولا لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : يعني إنسان عرف أنه لو أعطى أحدى ابنيه سيارة دون الآخر فهو حرام، لكن تحيّل أعطى الاثنين سيارتين كل واحد سيارة ثم بعد ذلك رجع في هبة أحدهما، فصار حقيقة الأمر أنه إيش؟ أعطى واحدًا وترك الآخر فإذا كان نيته في الرجوع أن يفضّل أحدهما على الآخر صار الرجوع حرامًا والدليل ما سمعتم هو: ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) طيب يشمل ما أعطاه للنفقة وما أعطاه تبرعًا ماذا تقولون؟ نقول لا، لا يشمل لأن ما أعطاه للنفقة لا يجوز الرجوع فيه، لأن النفقة واجبة فلو أعطاه مثلًا عشرين ألفًا مهرًا يتزوج به فإنه لا يجوز أن يرجع فيه، وذلك لأن الإنفاق واجب عليه ولا يمكن أن يسقطه طيب، يشمل ما إذا رجع في هبته ليعطيها لولد آخر أو ليتملكها هو؟
الطالب : لا.
الشيخ : ما يشمل لا يشمل هذا، فلو رجع في عطية زيد من أبنائه ليعطيها لعمرو الابن الثاني كان هذا الرجوع حرامًا ولا شك، لأنه قصد به المحرّم وهو التفضيل وما قصد به المحرم كان حرامًا طيب.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يجوز لأي واهب أن يرجع إلا الوالد، وظاهره حتى لو أن شخصًا وهب إنسانًا هبة بناء على سبب معين وتبين انتفاء هذا السبب فإنه لا يرجع، ولكن بعض العلماء قال: إنه في هذه الحال يرجع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات ) مثال هذا: امرأة أحسّت من زوجها أنه يريد أن يطلقها أو فعلًا قال سأطلقك فأعطته دراهم لئلا يطلقها، ولكنه ما كاد أن تصل الدراهم إلى جيبه حتى طلقها وش تقولون في هذا؟ ترجع ولا ما ترجع؟
الطالب : ترجع.
الشيخ : نعم ذكر أهل العلم أنها ترجع لأنها إنما وهبته من أجل هاه؟ أن تبقى عنده لا من أجل أن يطلقها، فإذا علمنا بقرائن الأحوال أو بلسان المقال أنها إنما وهبته ليبقيها ثم طلقها، فلها أن ترجع ومثل ذلك أيضًا لو أن شخصًا وهب إنسانًا هبة بناء على أنه هو الذي أنجز له الحاجة الفلانية ثم تبين أنه غيره فله أن يرجع لأن هذه الهبة وإن لم يشترط أنها في مقابلة العمل، فالقرينة تدل على أنها في مقابلة العمل فإذا تبين أن العمل لم يقع من الموهوب له فللواهب أن يرجع، وقد يقال: إن هذا لا يدخل في الحديث أصلًا لأن الحديث يقول: ( لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ) وهو ظاهر في أن هذه العطية ليس لها مقابل وما ذكر من مسألة الزوجة وفي مسألة العامل إنما تعطي هاه؟ في مقابل شيء لم يحصل فلا يدخل في هذا الحديث.