فوائد حديث : ( أن جاريةً وجد رأسها قد رض بين حجرين فسألوها ... ) . حفظ
الشيخ : هذا الحديث فيه فوائد :
أولا : جواز بقاء اليهود في المدينة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطرد هذا الرجل ولا غيره ، بل ومات ودرعه مرهونة عند يهودي ، ولكن هذا كان قبل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( لأخرجنَّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلمًا ) ، ولكنه عليه الصلاة والسلام مات قبل ذلك ، إلا أنه أوصى أمته فقال : ( أخرجوا اليهود والنصارى مِن جزيرة العرب ) .
ومن فوائد هذا الحديث : أن حرم المدينة ليس كحرم مكة في منع الكفار من دخوله ، وجه ذلك : إقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم اليهود على البقاء في المدينة ، أما مكة فقد قال الله تعالى : (( يأيها الذين ءامنوا إنَّما المشركون نَجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا )) .
ومن فوائد هذا الحديث : محبة اليهود للمال ، وأنه لا يهمهم أن يرتكبوا أبشع جريمة من أجل الوصول إلى المال ، لأن هذا اليهودي إنما رضَّ رأس الجارية من أجل حُلي كان عليها فأخذه .
ومن فوائد هذا الحديث : اعتبار قول المحتضَر ، أو بعبارة أخرى اعتبار قول من أصابه سبب الموت ما دام ذهنه باقياً ، من أين تؤخذ ؟ من اعتبارهم إشارة الجارية.
ومن فوائده ، ومن فوائد هذا الحديث : أن الإشارة تقوم مقام العبارة ، فإذا كان هذا مع تعذر العبارة شرعا أو حسا فلا شك أن الإشارة تقوم مقام العبارة ، وإن كان مع القدرة ففيه خلاف بين العلماء ، ففي هذه القصة قامت الإشارة مقام العبارة ، لتعذر العبارة في هذا الحال .
وفي إشارة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين صلى بهم جالسًا فصلوا قياما فأشار إليهم أن اجلسوا ، هذا فيه تعذر العبارة شرعا أو حسًا ؟
الطالب : شرعا .
الشيخ : شرعا ، إذًا الإشارة تقوم مقام العبارة عند تعذر العبارة شرعا أو حسًا ، فأما مع القدرة على ذلك فما يصح بالكناية يصح بالإشارة ، وما لا يصح بالكناية لا يصح بالإشارة ، فالنكاح مثلاً هل ينعقد بالإشارة مِن قادر على النطق ؟ الجواب : لا ، لماذا ؟ لأنه لا ينعقد بالكناية ولا بد من الإشهاد عليه ، فلو قيل مثلا للولي : يشيرون إلى الزوج وإلى الزوجة ، يعني عقدنا ، فقال : برأسه هل يكفي ؟ لا يكفي ، لماذا ؟ لأن الكناية فيه لا تقوم مقام الصريح نعم ، ولو قيل له : أطلقت امرأتك ؟ فقال هكذا فهذا محل خلاف ، بعضهم قال : تطلق ، وبعضهم قال : لا تطلق ، والصحيح أنها تطلق ، لأن هذا كالصريح في قوله : نعم .
ومن فوائد هذا الحديث قلنا : اعتبار قول من حضره الأجل ، ولكن بشرط ألا يكون قد تغير فكره ، فإن كان قد تغير فكره فإنه لا يعتبر قوله ، وعليه لو أوصى الإنسان وهو محتضَر ينازع نفسه فهل تعتبر هذه الوصية ؟ الجواب : تعتبر بشرط ألا يكون قد تغير فكره ، فإن كان قد تغير وعرفنا أنه يهذي وأنه لا يضبط قوله ، فإنه لا عبرة بها .
ومن فوائد هذا الحديث : جواز أخذ المتهم بالتهمة ، من أين يؤخذ ؟ من أخذ اليهودي ، ولكن هل كل مدعىً عليه يؤخذ بالدعوى أو ينظر للقرينة ؟ الواجب أن ينظر للقرينة : إن كان يمكن صدق الدعوى أخذنا المدعى عليه ، وإن كان لا يمكن فذهب مالك وجماعة من أهل العلم إلى أن المدعي هو الذي يؤدَّب ، فلو أن بقَّالا قال : أنا أدعي أن الملك اشترى مني عشرة حزم بقالة ، اشتراها مني ولا أعطاني حقي ، وأنا أطلب حقي منه ، هل تقبل هذه الدعوى ؟
الطالب : لا .
الشيخ : ليش ما تقبل ؟
الطالب : الملك يبعد منه هذا .
الشيخ : لأن الملك لا يمكن أن يقوم بشرائها بنفسه يأتي للبقالة ويقول : أعطني عشر حزم من النعناع أو ما أشبه ذلك هذا مستحيل ، فقال الإمام مالك : " إن هذا يؤدب لأنه متلاعب " ، ولا يؤخذ المدعى عليه في هذه الحال .
طيب أما إذا أمكن أن تكون الدعوى صحيحة فإن المدعى عليه يؤخذ لاحتمال صدق المدعي ، ولكن هل يحكم بما ادعاه المدعي عليه ؟ الجواب : لا ، حتى يقر .
ومن فوائد هذا الحديث : أن الله سبحانه وتعالى يقيض من يقتل القاتل ولو قتل اختفاء ، كيف ذلك ؟ لأن الله تعالى أبقى حياة هذه الجارية حتى سألوها ، ولم يستطع المدعى عليه المجرم أن يُنكر وإلا لو ماتت هذه الجارية راح الحق ، ولو أنكر المجرم راح الحق ، ولكن القاتل مقتول ، قال الله تعالى : (( ومن قتل مظلومًا فقد جعلنا لوليه سلطانًا فلا يُسرف في القتل إنَّه كان منصورًا )) :سلطاناً كونياً قدريًا وسلطاناً شرعياً ، أما السلطان الشرعي : فهو أن له القصاص لولي المقتول أن يقتص شرعا ، وأما السلطان القدري : فإن الله تعالى لا بد أن يطلع على القاتل طال الزمن أو قصُر ، ولهذا قال : (( فقد جعلنا لوليّه سلطانًا فلا يسرف في القتل )) : يعني كأن القاتل بين يديه ، ولكن لا يسرف يعني لا تأخذه الغيرة على أن يمثل بالقاتل أو يقتله بأشد مما قتل ، ثم قال : (( إنه )) أي : الولي (( كان منصورًا )) أي كان منصورا في علم الله ولا بد أن يعثر على قاتل وليه .
ومن فوائد هذا الحديث : أنه يفعل بالجاني كما فعل ، أن يفعل بالجاني كما فعل ، إن قتل برصاص قتلناه برصاص ، وإن قتل بسيف قتلناه بسيف ، وإن قتل بخنجر قتلناه بخنجر ، وإن قتل بحجر قتلناه بحجر ، وإن قتل بتقطيع الأعضاء والتمثيل قتلناه كذلك ، ودليل هذا : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر أن يرض رأس اليهودي بين حجرين كما فعل بالجارية ) : وهو نص صريح في الموضوع .
ودليل آخر أن الله سبحانه وتعالى سمى ذلك قصاصًا أي : سمى قتل القاتل قصاصًا ، والقصاص لا بد أن يكون مماثلا لما اقتص به فيه ، لأنه قصاص ، وأصله من قص الأثر : إذا تتبعه ، وإذا كان كذلك فإن تمام القصاص أن يُفعل بالجاني كما فعل .
وأما قول من قال : إنه يقتل بالسيف لحديث ورد في ذلك : ( لا قود إلا بسيف ) ، فإنه لو صح الحديث لقلنا به ، ولكنه لا يصح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلى هذا فيُفعل بالجاني كما فعل ، إلا إذا كانت الأداة التي قتل بها محرمة لعينها ، فإنها لا تستعمل ، كما لو قتله بإسقائه الخمر ، فإننا لا نقتله بإسقاء الخمر ، ولكن هل نقتله بالسيف أو نقتله بشراب يتأذى به حتى يموت وليس بخمر ؟
الثاني أقرب ، الثاني أقرب إلى القصاص ، والأول له وجهة نظر ، لأنه لما تعذر القصاص شرعًا عدلنا إلى الأسهل وهو القتل بالسيف ، وكذلك لو قتله بفعل الفاحشة والعياذ بالله : تلوَّط بغلام صغير حتى أهلكه عمدًا وهو يعرف أن هذا العمل يهلكه ، فهنا لا نقتله بمثل ما قتل ، لأن هذا محرم لإيش ؟ لعينه ، محرم شرعا لعينه .
ومن فوائد هذا الحديث : أن الرجل يقتل بالمرأة ، وجهه ؟ أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل اليهودي وهو رجل بالجارية وهي امرأة .
وابعثه المقام المحمود الذي وعدته ما في أحد ! نعم ؟
أولا : جواز بقاء اليهود في المدينة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطرد هذا الرجل ولا غيره ، بل ومات ودرعه مرهونة عند يهودي ، ولكن هذا كان قبل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( لأخرجنَّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلمًا ) ، ولكنه عليه الصلاة والسلام مات قبل ذلك ، إلا أنه أوصى أمته فقال : ( أخرجوا اليهود والنصارى مِن جزيرة العرب ) .
ومن فوائد هذا الحديث : أن حرم المدينة ليس كحرم مكة في منع الكفار من دخوله ، وجه ذلك : إقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم اليهود على البقاء في المدينة ، أما مكة فقد قال الله تعالى : (( يأيها الذين ءامنوا إنَّما المشركون نَجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا )) .
ومن فوائد هذا الحديث : محبة اليهود للمال ، وأنه لا يهمهم أن يرتكبوا أبشع جريمة من أجل الوصول إلى المال ، لأن هذا اليهودي إنما رضَّ رأس الجارية من أجل حُلي كان عليها فأخذه .
ومن فوائد هذا الحديث : اعتبار قول المحتضَر ، أو بعبارة أخرى اعتبار قول من أصابه سبب الموت ما دام ذهنه باقياً ، من أين تؤخذ ؟ من اعتبارهم إشارة الجارية.
ومن فوائده ، ومن فوائد هذا الحديث : أن الإشارة تقوم مقام العبارة ، فإذا كان هذا مع تعذر العبارة شرعا أو حسا فلا شك أن الإشارة تقوم مقام العبارة ، وإن كان مع القدرة ففيه خلاف بين العلماء ، ففي هذه القصة قامت الإشارة مقام العبارة ، لتعذر العبارة في هذا الحال .
وفي إشارة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين صلى بهم جالسًا فصلوا قياما فأشار إليهم أن اجلسوا ، هذا فيه تعذر العبارة شرعا أو حسًا ؟
الطالب : شرعا .
الشيخ : شرعا ، إذًا الإشارة تقوم مقام العبارة عند تعذر العبارة شرعا أو حسًا ، فأما مع القدرة على ذلك فما يصح بالكناية يصح بالإشارة ، وما لا يصح بالكناية لا يصح بالإشارة ، فالنكاح مثلاً هل ينعقد بالإشارة مِن قادر على النطق ؟ الجواب : لا ، لماذا ؟ لأنه لا ينعقد بالكناية ولا بد من الإشهاد عليه ، فلو قيل مثلا للولي : يشيرون إلى الزوج وإلى الزوجة ، يعني عقدنا ، فقال : برأسه هل يكفي ؟ لا يكفي ، لماذا ؟ لأن الكناية فيه لا تقوم مقام الصريح نعم ، ولو قيل له : أطلقت امرأتك ؟ فقال هكذا فهذا محل خلاف ، بعضهم قال : تطلق ، وبعضهم قال : لا تطلق ، والصحيح أنها تطلق ، لأن هذا كالصريح في قوله : نعم .
ومن فوائد هذا الحديث قلنا : اعتبار قول من حضره الأجل ، ولكن بشرط ألا يكون قد تغير فكره ، فإن كان قد تغير فكره فإنه لا يعتبر قوله ، وعليه لو أوصى الإنسان وهو محتضَر ينازع نفسه فهل تعتبر هذه الوصية ؟ الجواب : تعتبر بشرط ألا يكون قد تغير فكره ، فإن كان قد تغير وعرفنا أنه يهذي وأنه لا يضبط قوله ، فإنه لا عبرة بها .
ومن فوائد هذا الحديث : جواز أخذ المتهم بالتهمة ، من أين يؤخذ ؟ من أخذ اليهودي ، ولكن هل كل مدعىً عليه يؤخذ بالدعوى أو ينظر للقرينة ؟ الواجب أن ينظر للقرينة : إن كان يمكن صدق الدعوى أخذنا المدعى عليه ، وإن كان لا يمكن فذهب مالك وجماعة من أهل العلم إلى أن المدعي هو الذي يؤدَّب ، فلو أن بقَّالا قال : أنا أدعي أن الملك اشترى مني عشرة حزم بقالة ، اشتراها مني ولا أعطاني حقي ، وأنا أطلب حقي منه ، هل تقبل هذه الدعوى ؟
الطالب : لا .
الشيخ : ليش ما تقبل ؟
الطالب : الملك يبعد منه هذا .
الشيخ : لأن الملك لا يمكن أن يقوم بشرائها بنفسه يأتي للبقالة ويقول : أعطني عشر حزم من النعناع أو ما أشبه ذلك هذا مستحيل ، فقال الإمام مالك : " إن هذا يؤدب لأنه متلاعب " ، ولا يؤخذ المدعى عليه في هذه الحال .
طيب أما إذا أمكن أن تكون الدعوى صحيحة فإن المدعى عليه يؤخذ لاحتمال صدق المدعي ، ولكن هل يحكم بما ادعاه المدعي عليه ؟ الجواب : لا ، حتى يقر .
ومن فوائد هذا الحديث : أن الله سبحانه وتعالى يقيض من يقتل القاتل ولو قتل اختفاء ، كيف ذلك ؟ لأن الله تعالى أبقى حياة هذه الجارية حتى سألوها ، ولم يستطع المدعى عليه المجرم أن يُنكر وإلا لو ماتت هذه الجارية راح الحق ، ولو أنكر المجرم راح الحق ، ولكن القاتل مقتول ، قال الله تعالى : (( ومن قتل مظلومًا فقد جعلنا لوليه سلطانًا فلا يُسرف في القتل إنَّه كان منصورًا )) :سلطاناً كونياً قدريًا وسلطاناً شرعياً ، أما السلطان الشرعي : فهو أن له القصاص لولي المقتول أن يقتص شرعا ، وأما السلطان القدري : فإن الله تعالى لا بد أن يطلع على القاتل طال الزمن أو قصُر ، ولهذا قال : (( فقد جعلنا لوليّه سلطانًا فلا يسرف في القتل )) : يعني كأن القاتل بين يديه ، ولكن لا يسرف يعني لا تأخذه الغيرة على أن يمثل بالقاتل أو يقتله بأشد مما قتل ، ثم قال : (( إنه )) أي : الولي (( كان منصورًا )) أي كان منصورا في علم الله ولا بد أن يعثر على قاتل وليه .
ومن فوائد هذا الحديث : أنه يفعل بالجاني كما فعل ، أن يفعل بالجاني كما فعل ، إن قتل برصاص قتلناه برصاص ، وإن قتل بسيف قتلناه بسيف ، وإن قتل بخنجر قتلناه بخنجر ، وإن قتل بحجر قتلناه بحجر ، وإن قتل بتقطيع الأعضاء والتمثيل قتلناه كذلك ، ودليل هذا : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر أن يرض رأس اليهودي بين حجرين كما فعل بالجارية ) : وهو نص صريح في الموضوع .
ودليل آخر أن الله سبحانه وتعالى سمى ذلك قصاصًا أي : سمى قتل القاتل قصاصًا ، والقصاص لا بد أن يكون مماثلا لما اقتص به فيه ، لأنه قصاص ، وأصله من قص الأثر : إذا تتبعه ، وإذا كان كذلك فإن تمام القصاص أن يُفعل بالجاني كما فعل .
وأما قول من قال : إنه يقتل بالسيف لحديث ورد في ذلك : ( لا قود إلا بسيف ) ، فإنه لو صح الحديث لقلنا به ، ولكنه لا يصح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلى هذا فيُفعل بالجاني كما فعل ، إلا إذا كانت الأداة التي قتل بها محرمة لعينها ، فإنها لا تستعمل ، كما لو قتله بإسقائه الخمر ، فإننا لا نقتله بإسقاء الخمر ، ولكن هل نقتله بالسيف أو نقتله بشراب يتأذى به حتى يموت وليس بخمر ؟
الثاني أقرب ، الثاني أقرب إلى القصاص ، والأول له وجهة نظر ، لأنه لما تعذر القصاص شرعًا عدلنا إلى الأسهل وهو القتل بالسيف ، وكذلك لو قتله بفعل الفاحشة والعياذ بالله : تلوَّط بغلام صغير حتى أهلكه عمدًا وهو يعرف أن هذا العمل يهلكه ، فهنا لا نقتله بمثل ما قتل ، لأن هذا محرم لإيش ؟ لعينه ، محرم شرعا لعينه .
ومن فوائد هذا الحديث : أن الرجل يقتل بالمرأة ، وجهه ؟ أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل اليهودي وهو رجل بالجارية وهي امرأة .
وابعثه المقام المحمود الذي وعدته ما في أحد ! نعم ؟