فوائد حديث : ( ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً ... ) . حفظ
الشيخ : في هذا الحديث دليل على فوائد :
منها : أن الشيء المهم ينبغي أن يستعمل الإنسان فيه ما يدل على الانتباه لقوله ( ألا ) ، كل شيء تريد أن تنبه عليه وتعتني به فأتي بأداة التنبيه ، وانظر إلى قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ألا وإن لكل لملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ) اللهم أصلح قلوبنا، ( وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ، كيف كرر هذه الأداة التي هي للتنبيه والاستفتاح لأهمية الموضوع .
ومن فوائد هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم عبد يوجه إليه الأمر والنهي لقوله: ( ألا وإني نهيت ) .
ومن فوائده: أن الأحكام الثابتة للرسول صلى الله عليه وسلم هي لأمته، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يخبرنا أنه نهي إلا من أجل أن نتأسى به، واعلم أن الخطاب الموجه للرسول صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما دل الدليل على أنه خاص به فهو خاص به.
والثاني: ما دل الدليل على أنه للأمة فقط فهو للأمة.
والثالث: ما لم يدل عليه دليل لا هذا ولا هذا فهو له وللأمة، لأن الله تعالى قال: (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا )).
فهنا لما نُهي الرسول عليه الصلاة والسلام هل نقول: إن النهي خاص به أو عام؟
عام لأنه إذا لم يوجد دليل على الخصوصية وجب أن يكون عامًا، أي إنسان يقول لك هذا موجه للرسول فقل: نعم لكنه إذا وجه إلى الرسول فهو موجه لنا لأننا مأمورين باتباعه .
ومن فوائد هذا الحديث: عظمة القرآن العظيم، وجهه أنه نهي الإنسان المصلي الذي يناجي الله أن يقرأ القرآن في حال الركوع والسجود، لأن حال الركوع والسجود فيها نوع من التطامل والتواضع من الإنسان فلا يليق بالقرآن أن يكون التالي على هذه الحال، أرأيت الآن لو أنك تحدثني وأنت راكع أو تحدثني وأنت ساجد أو تحدثني وأنت قائم أيهما أبلغ في التعظيم ؟
الطالب : قائم.
الشيخ : قائم بلا شك، لو حدثتني وأنت راكع قلت: هذا الرجل ما بالى بي ولا أهتم بي، أو واحد يبي يحكي كلام لشخص يقول: أيها الناس احضروا فإني سأحدثكم عن كلام فلان، حضر الناس وركع وقام يحدثهم وش يصير هذا؟ يعني غير لائق، أو كذلك سجد، لهذا قال أهلم العلم : لما كان القرآن الكريم عظيم المنزلة كان حقه أن يكون حال ارتفاع الإنسان يعني وهو قائم .
طيب من فوائد هذا الحديث: أن الإنسان لو قرأ القرآن وهو راكع أو ساجد بطلت صلاته، لأنه أتى بقول منهي عنه بخصوص الصلاة، يعني ما هو من النهي بخصوص الصلاة فكان مبطلا لها، فلو أن الإنسان ركع وبدأ يتلو قول الله تعالى: (( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب )) فصلاته باطلة ، لأنه أتى بقول منهي عنه ، فتبطل صلاته كما لو تكلم في الصلاة بكلام الآدميين المنهي عنه ، وإلى هذا ذهب ابن حزم رحمه الله والظاهر أن الظاهرية مثله ، وقالوا : هذا منهي عنه بخصوص، والإنسان إذا قرأ القرآن في حال الركوع ماذا يوصف؟
بأنه عاصي عاصي لله، معصية خاصة بالصلاة فتبطلها، لكن أكثر أهل العلم يقولون: إن الصلاة صحيحة، ويجيبون عن هذا بأن النهي ليس لذات القرآن ولكن لمحل القرآن، وإلا فإن القرآن مشروع في الصلاة، فهو من جنس الأذكار المشروعة فيها، فالنهي ليس لذات القرآن، بل لكونه في هذا المحل، وانفكوا بذلك عن القول بإبطال الصلاة .
طيب من فوائد هذا الحديث: أن الإنسان لو دعا في سجوده بآية من كتاب الله مثل أن يقول: (( ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين )) فإن ذلك جائز ، لأنه لم يقرأ القرآن لكن دعا بالقرآن ، أفهمتم ؟
بخلاف ما لو قال : (( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم )) : فهنا ينهى عنه .
ولذلك لو أن الجنب دعا بالآية : (( ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين )) لكان هذا جائز لأنه دعا بالقرآن، والحديث الذي معنا: ( أن أقرأ القرآن ): بأن يتلوه يريد قراءته، وعليه فإذا دعا بما يوافق القرآن فلا حرج عليه في ذلك ولا إثم عليه .
من فوائد الحديث: حسن تعليم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحكمته في تعليمه، وهو أنه لما ذكر ما يُنهى عنه عوّض عنه ما يحل ويؤمر به، كيف؟ لما قال: ( نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا ) أتى بعوض وهو أن الركوع يعظم فيه الرب، وأن السجود يكثر فيه من الدعاء، وهذه الطريقة هي طريقة القرآن الكريم، قال الله عز وجل: (( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا )) بعدها: (( وقولوا انظرنا )) فنهى عن كلمة وأتى بعوضها.
كذلك السنة قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تقولوا ما شاء الله وشئت ولكن ما شاء الله وحده ).
ولما أتي إليه بتمر جيد تمر جيد قال: ( من أين هذا ، قالوا: يا رسول الله نأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، قال: أوه عين الربا ) ، وأرشد عليه الصلاة والسلام في هذه المسألة أرشد إلى أن يباع التمر الرديء وتؤخذ القيمة ويشترى بالدراهم تمرًا جيدًا ، فلما نهى عن هذه المعاملة أتى بمعاملة بدلها، وهكذا ينبغي لكم إذا نهيتم الناس عن شيء والناس قد ابتلوا به أن تذكروا عِوضه، اذكروا العوض المباح لئلا توقعوهم في حرج أو لا يمتثلوا ما نهيتم عنه، ثم إذا فعلتم هذا فإنما سرتم على ما سار عليه القرآن وسار عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
أما بعض الناس مثلا يأتي ويعظ الناس ويقول: هذا حرام هذا حرام والناس محتاجون إليه إذا لم يجدوا بدله ويسكت ليس بصواب، بل يقول: هذا حرام ولكن هذا حلال لأجل أن يكون للناس متسع .
من فوائد هذا الحديث: أن الركوع محل التعظيم : ( عظّموا فيه الرب ) طيب الواجب سبحان ربي العظيم كما جاءت به السنة لكن لو قال: ( سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان ) يجوز أو لا يجوز؟
الطالب : يجوز.
الشيخ : يجوز، يجوز لأن هذا من تعظيم الرب والنبي صلى الله عليه وسلم أطلق لكنه بيّن أنه يقول سبحان ربي العظيم وإذا أتى بما يدل على تعظيم الله غير هذا فهو جائز لا شك داخل في العموم.
ومن فوائد هذا الحديث: إثبات اسم الرب لله عز وجل، الرب في القرآن الكريم لم يأت إلا مضافاً (( الحمدلله رب العالمين )) (( رب السماوات والأرض )) وما أشبه ذلك .
لكن السنة جاءت به معرّفا بأل في هذا الحديث وهو كما رأيتم في الصحيحين، وكذلك في الحديث الذي في السنن: ( السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ) ، فالرب عند الإطلاق هو الله سبحانه وتعالى ، وعلى هذا فيجوز أن نضيفه إلى الأسماء الحسنى ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى الله به .
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي الاجتهاد في الدعاء حال السجود، اجتهد في الدعاء، يعني بالغ فيه وابذل الجهد، الجهد القلبي والنطقي، بمعنى أن تدعو الله بإخلاص وصدق وافتقار إلى الله عز وجل، ما تدعو على أن هذا شيء معتاد لك كما يوجد منا في كثير من الأحيان يدعو الإنسان على شيء معتاد، لا، ادعو الله بإلحاح وصدق وإخلاص نسأل الله أن يعيننا وإياكم على هذا لأن هذا أرجى للإجابة.
ومن فوائد الحديث: أن للإنسان أن يدعو بما شاء، وجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقيّد، ما قال: في الدعاء للآخرة، أو في الدعاء ولا تدع للدنيا، فادع بما شئت.
أما الدعاء للآخرة فواضح، الدعاء للدنيا يجوز أو لا يجوز ؟
الطالب : يجوز.
الشيخ : الدنيا يا جماعة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : يجوز تقول: اللهم ارزقني بيتا ملكا واسعا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : يجوز؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب يجوز يا محمود أن تقول: اللهم ارزقني سيارة فخمة محمود نعم ؟
الطالب : يجوز.
الشيخ : يجوز، طيب يجوز أن تقول الله ارزقني لباسا جديدا؟
يجوز، أي شيء تدعو به جائز إلا أن تدعو بإثم أو قطيعة رحم.
وأما قول بعض العلماء: لا يجوز الدعاء بشيء من أمور الدنيا ، فهذا ضعيف إلى من أذهب إذا احتجت شيئا في دنياي أدعو غير الله ؟!
ثم إني دعوت بالصلاة التي هي أقرب للإجابة فأدعو الله بما شئت من أمور الدين والدنيا .
طيب إنسان عليه درس صعب فجعل في سجوده اللهم سهّل عليّ مادة الإنجليزي نعم، جائز ولا ماهو بجائز ؟
جائز ، كل دعاء ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم ادع الله به ، وجه ذلك يا جماعة أن نفس الدعاء عبادة ، أنا ما خرجت بدعاء عن عبادة الله عز وجل ، نفس الدعاء عبادة حتى وإن سألت شيئا من أمور الدنيا فهي عبادة ، فكيف يبطل الصلاة بذلك ؟!
فالقول بأنه لا يجوز الدعاء بشيء من أمور الدنيا وأن الإنسان لو دعا بشيء من أمور الدنيا بطلت صلاته قول ضعيف، لاسيما وأن لدينا عموماً ، لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم التشهد قال: ( ثم ليتخير من الدعاء ما شاء ).
ومن فوائد هذا الحديث: أن بعض الأحوال تكون أقرب إلى الإجابة من بعض فهنا الدعاء في السجود أقرب إلى الإجابة من الدعاء في الركوع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نصّ عليه، وقال: إنه أحرى، فالإنسان له أحوال تكون الإجابة أقرب، كذلك الأزمان في أزمان تكون الإجابة فيها أقرب، كثلث الليل الآخر، وبين الأذان والإقامة وما أشبه ذلك.
كذلك الأمكنة يكون بعض الأمكنة أقرب إلى إجابة الدعاء كالكعبة المشرفة وما أشبه ذلك، طيب المضطر يجاب من أين الأنواع ؟
الطالب : الأحوال.
الشيخ : الأحوال نعم من الأحوال.
إذا قال قائل: أليس قد ثبت في الصحيحين وغيرهما : ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما أنزلت سورة النصر (( إذا جاء نصر الله والفتح )) إلى آخره كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ) ؟
فالجواب: بلى، لكن هذا لا ينافي قوله : ( عظموا فيه الرب ) لأنك إذا قلت هذا مرة في الركوع وأكثر الأذكار تعظيم الرب لم يخرج عن الحديث ، وعليه فيكون قول الإنسان : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي في الركوع لا يتعارض مع هذا الحديث ، نعم يا سليم ؟
الطالب : بالنسبة لشرف السجود للمؤمن يا شيخ.
الشيخ : نعم.
الطالب : أكبر ...
الشيخ : صحيح .
الطالب : لأنه لا يوجد فرق بين المؤمن والكافر مثل السجود يا شيخ.
الشيخ : صحيح.
الطالب : لأن السجود ما يتنازل له الكافر والمؤمن ...
الشيخ : نعم صحيح صدقت، ولهذا أبى إبليس أن يسجد لآدم.
منها : أن الشيء المهم ينبغي أن يستعمل الإنسان فيه ما يدل على الانتباه لقوله ( ألا ) ، كل شيء تريد أن تنبه عليه وتعتني به فأتي بأداة التنبيه ، وانظر إلى قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ألا وإن لكل لملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ) اللهم أصلح قلوبنا، ( وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ، كيف كرر هذه الأداة التي هي للتنبيه والاستفتاح لأهمية الموضوع .
ومن فوائد هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم عبد يوجه إليه الأمر والنهي لقوله: ( ألا وإني نهيت ) .
ومن فوائده: أن الأحكام الثابتة للرسول صلى الله عليه وسلم هي لأمته، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يخبرنا أنه نهي إلا من أجل أن نتأسى به، واعلم أن الخطاب الموجه للرسول صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما دل الدليل على أنه خاص به فهو خاص به.
والثاني: ما دل الدليل على أنه للأمة فقط فهو للأمة.
والثالث: ما لم يدل عليه دليل لا هذا ولا هذا فهو له وللأمة، لأن الله تعالى قال: (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا )).
فهنا لما نُهي الرسول عليه الصلاة والسلام هل نقول: إن النهي خاص به أو عام؟
عام لأنه إذا لم يوجد دليل على الخصوصية وجب أن يكون عامًا، أي إنسان يقول لك هذا موجه للرسول فقل: نعم لكنه إذا وجه إلى الرسول فهو موجه لنا لأننا مأمورين باتباعه .
ومن فوائد هذا الحديث: عظمة القرآن العظيم، وجهه أنه نهي الإنسان المصلي الذي يناجي الله أن يقرأ القرآن في حال الركوع والسجود، لأن حال الركوع والسجود فيها نوع من التطامل والتواضع من الإنسان فلا يليق بالقرآن أن يكون التالي على هذه الحال، أرأيت الآن لو أنك تحدثني وأنت راكع أو تحدثني وأنت ساجد أو تحدثني وأنت قائم أيهما أبلغ في التعظيم ؟
الطالب : قائم.
الشيخ : قائم بلا شك، لو حدثتني وأنت راكع قلت: هذا الرجل ما بالى بي ولا أهتم بي، أو واحد يبي يحكي كلام لشخص يقول: أيها الناس احضروا فإني سأحدثكم عن كلام فلان، حضر الناس وركع وقام يحدثهم وش يصير هذا؟ يعني غير لائق، أو كذلك سجد، لهذا قال أهلم العلم : لما كان القرآن الكريم عظيم المنزلة كان حقه أن يكون حال ارتفاع الإنسان يعني وهو قائم .
طيب من فوائد هذا الحديث: أن الإنسان لو قرأ القرآن وهو راكع أو ساجد بطلت صلاته، لأنه أتى بقول منهي عنه بخصوص الصلاة، يعني ما هو من النهي بخصوص الصلاة فكان مبطلا لها، فلو أن الإنسان ركع وبدأ يتلو قول الله تعالى: (( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب )) فصلاته باطلة ، لأنه أتى بقول منهي عنه ، فتبطل صلاته كما لو تكلم في الصلاة بكلام الآدميين المنهي عنه ، وإلى هذا ذهب ابن حزم رحمه الله والظاهر أن الظاهرية مثله ، وقالوا : هذا منهي عنه بخصوص، والإنسان إذا قرأ القرآن في حال الركوع ماذا يوصف؟
بأنه عاصي عاصي لله، معصية خاصة بالصلاة فتبطلها، لكن أكثر أهل العلم يقولون: إن الصلاة صحيحة، ويجيبون عن هذا بأن النهي ليس لذات القرآن ولكن لمحل القرآن، وإلا فإن القرآن مشروع في الصلاة، فهو من جنس الأذكار المشروعة فيها، فالنهي ليس لذات القرآن، بل لكونه في هذا المحل، وانفكوا بذلك عن القول بإبطال الصلاة .
طيب من فوائد هذا الحديث: أن الإنسان لو دعا في سجوده بآية من كتاب الله مثل أن يقول: (( ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين )) فإن ذلك جائز ، لأنه لم يقرأ القرآن لكن دعا بالقرآن ، أفهمتم ؟
بخلاف ما لو قال : (( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم )) : فهنا ينهى عنه .
ولذلك لو أن الجنب دعا بالآية : (( ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين )) لكان هذا جائز لأنه دعا بالقرآن، والحديث الذي معنا: ( أن أقرأ القرآن ): بأن يتلوه يريد قراءته، وعليه فإذا دعا بما يوافق القرآن فلا حرج عليه في ذلك ولا إثم عليه .
من فوائد الحديث: حسن تعليم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحكمته في تعليمه، وهو أنه لما ذكر ما يُنهى عنه عوّض عنه ما يحل ويؤمر به، كيف؟ لما قال: ( نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا ) أتى بعوض وهو أن الركوع يعظم فيه الرب، وأن السجود يكثر فيه من الدعاء، وهذه الطريقة هي طريقة القرآن الكريم، قال الله عز وجل: (( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا )) بعدها: (( وقولوا انظرنا )) فنهى عن كلمة وأتى بعوضها.
كذلك السنة قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تقولوا ما شاء الله وشئت ولكن ما شاء الله وحده ).
ولما أتي إليه بتمر جيد تمر جيد قال: ( من أين هذا ، قالوا: يا رسول الله نأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، قال: أوه عين الربا ) ، وأرشد عليه الصلاة والسلام في هذه المسألة أرشد إلى أن يباع التمر الرديء وتؤخذ القيمة ويشترى بالدراهم تمرًا جيدًا ، فلما نهى عن هذه المعاملة أتى بمعاملة بدلها، وهكذا ينبغي لكم إذا نهيتم الناس عن شيء والناس قد ابتلوا به أن تذكروا عِوضه، اذكروا العوض المباح لئلا توقعوهم في حرج أو لا يمتثلوا ما نهيتم عنه، ثم إذا فعلتم هذا فإنما سرتم على ما سار عليه القرآن وسار عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
أما بعض الناس مثلا يأتي ويعظ الناس ويقول: هذا حرام هذا حرام والناس محتاجون إليه إذا لم يجدوا بدله ويسكت ليس بصواب، بل يقول: هذا حرام ولكن هذا حلال لأجل أن يكون للناس متسع .
من فوائد هذا الحديث: أن الركوع محل التعظيم : ( عظّموا فيه الرب ) طيب الواجب سبحان ربي العظيم كما جاءت به السنة لكن لو قال: ( سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان ) يجوز أو لا يجوز؟
الطالب : يجوز.
الشيخ : يجوز، يجوز لأن هذا من تعظيم الرب والنبي صلى الله عليه وسلم أطلق لكنه بيّن أنه يقول سبحان ربي العظيم وإذا أتى بما يدل على تعظيم الله غير هذا فهو جائز لا شك داخل في العموم.
ومن فوائد هذا الحديث: إثبات اسم الرب لله عز وجل، الرب في القرآن الكريم لم يأت إلا مضافاً (( الحمدلله رب العالمين )) (( رب السماوات والأرض )) وما أشبه ذلك .
لكن السنة جاءت به معرّفا بأل في هذا الحديث وهو كما رأيتم في الصحيحين، وكذلك في الحديث الذي في السنن: ( السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ) ، فالرب عند الإطلاق هو الله سبحانه وتعالى ، وعلى هذا فيجوز أن نضيفه إلى الأسماء الحسنى ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى الله به .
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي الاجتهاد في الدعاء حال السجود، اجتهد في الدعاء، يعني بالغ فيه وابذل الجهد، الجهد القلبي والنطقي، بمعنى أن تدعو الله بإخلاص وصدق وافتقار إلى الله عز وجل، ما تدعو على أن هذا شيء معتاد لك كما يوجد منا في كثير من الأحيان يدعو الإنسان على شيء معتاد، لا، ادعو الله بإلحاح وصدق وإخلاص نسأل الله أن يعيننا وإياكم على هذا لأن هذا أرجى للإجابة.
ومن فوائد الحديث: أن للإنسان أن يدعو بما شاء، وجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقيّد، ما قال: في الدعاء للآخرة، أو في الدعاء ولا تدع للدنيا، فادع بما شئت.
أما الدعاء للآخرة فواضح، الدعاء للدنيا يجوز أو لا يجوز ؟
الطالب : يجوز.
الشيخ : الدنيا يا جماعة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : يجوز تقول: اللهم ارزقني بيتا ملكا واسعا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : يجوز؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب يجوز يا محمود أن تقول: اللهم ارزقني سيارة فخمة محمود نعم ؟
الطالب : يجوز.
الشيخ : يجوز، طيب يجوز أن تقول الله ارزقني لباسا جديدا؟
يجوز، أي شيء تدعو به جائز إلا أن تدعو بإثم أو قطيعة رحم.
وأما قول بعض العلماء: لا يجوز الدعاء بشيء من أمور الدنيا ، فهذا ضعيف إلى من أذهب إذا احتجت شيئا في دنياي أدعو غير الله ؟!
ثم إني دعوت بالصلاة التي هي أقرب للإجابة فأدعو الله بما شئت من أمور الدين والدنيا .
طيب إنسان عليه درس صعب فجعل في سجوده اللهم سهّل عليّ مادة الإنجليزي نعم، جائز ولا ماهو بجائز ؟
جائز ، كل دعاء ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم ادع الله به ، وجه ذلك يا جماعة أن نفس الدعاء عبادة ، أنا ما خرجت بدعاء عن عبادة الله عز وجل ، نفس الدعاء عبادة حتى وإن سألت شيئا من أمور الدنيا فهي عبادة ، فكيف يبطل الصلاة بذلك ؟!
فالقول بأنه لا يجوز الدعاء بشيء من أمور الدنيا وأن الإنسان لو دعا بشيء من أمور الدنيا بطلت صلاته قول ضعيف، لاسيما وأن لدينا عموماً ، لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم التشهد قال: ( ثم ليتخير من الدعاء ما شاء ).
ومن فوائد هذا الحديث: أن بعض الأحوال تكون أقرب إلى الإجابة من بعض فهنا الدعاء في السجود أقرب إلى الإجابة من الدعاء في الركوع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نصّ عليه، وقال: إنه أحرى، فالإنسان له أحوال تكون الإجابة أقرب، كذلك الأزمان في أزمان تكون الإجابة فيها أقرب، كثلث الليل الآخر، وبين الأذان والإقامة وما أشبه ذلك.
كذلك الأمكنة يكون بعض الأمكنة أقرب إلى إجابة الدعاء كالكعبة المشرفة وما أشبه ذلك، طيب المضطر يجاب من أين الأنواع ؟
الطالب : الأحوال.
الشيخ : الأحوال نعم من الأحوال.
إذا قال قائل: أليس قد ثبت في الصحيحين وغيرهما : ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما أنزلت سورة النصر (( إذا جاء نصر الله والفتح )) إلى آخره كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ) ؟
فالجواب: بلى، لكن هذا لا ينافي قوله : ( عظموا فيه الرب ) لأنك إذا قلت هذا مرة في الركوع وأكثر الأذكار تعظيم الرب لم يخرج عن الحديث ، وعليه فيكون قول الإنسان : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي في الركوع لا يتعارض مع هذا الحديث ، نعم يا سليم ؟
الطالب : بالنسبة لشرف السجود للمؤمن يا شيخ.
الشيخ : نعم.
الطالب : أكبر ...
الشيخ : صحيح .
الطالب : لأنه لا يوجد فرق بين المؤمن والكافر مثل السجود يا شيخ.
الشيخ : صحيح.
الطالب : لأن السجود ما يتنازل له الكافر والمؤمن ...
الشيخ : نعم صحيح صدقت، ولهذا أبى إبليس أن يسجد لآدم.