حدثنا قيس بن حفص قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا الأعمش سليمان بن مهران عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال بينا أنا أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في خرب المدينة وهو يتوكأ على عسيب معه فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم لبعض سلوه عن الروح وقال بعضهم لا تسألوه لا يجيء فيه بشيء تكرهونه فقال بعضهم لنسألنه فقام رجل منهم فقال يا أبا القاسم ما الروح فسكت فقلت إنه يوحى إليه فقمت فلما انجلى عنه فقال:(( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتوا من العلم إلا قليلًا )) قال الأعمش هكذا في قراءتنا حفظ
القارئ : حدثنا قيس بن حفص قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا الأعمش سليمان بن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : ( بينا أنا أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في خرب المدينة وهو يتوكأ على عسيب معه فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم لبعض سلوه عن الروح وقال بعضهم لا تسألوه لا يجيء فيه بشيء تكرهونه فقال بعضهم لنسألنه فقام رجل منهم فقال يا أبا القاسم ما الروح فسكت فقلت إنه يوحى إليه فقمت فلما انجلى عنه فقال : ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم )
الشيخ : وما أوتوا
القارئ : ما عندي
الشيخ : لا أنا عندي وما أوتوا
القارئ : وما أتوا
الشيخ : نعم
القارئ : الآية وما أوتيتم من العلم
الشيخ : إي نعم ، اقرأ ، اقرأ ، اقرأ وما أتوا ويسهل الله
القارئ : طيب ، ((وما أوتوا من العلم إلا قليلًا )) قال الأعمش : " هكذا في قراءتنا ".
الشيخ : نعم . يعني خلاف المشهورة ، المشهور وما أوتيتم من العلم
القارئ : نصححه
الشيخ : إيه صحح النسخة
قوله تعالى : ويسئلونك عن الروح اختلف العلماء في المراد بقوله الروح هل المراد بها النفس التي بها حياة الأبدان ، أو المراد بها جبريل، لأن جبريل يوصف بأنه روح كما قال الله تعالى : (( تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام )) وقوله : (( قل نزله روح القدس من ربك )) وقوله : (( نزل به الروح الأمين على قلبك )) وقيل المراد بالروح روح الحي ، وظاهر هذا السياق أن الروح جبريل لأن جبريل عدو لليهود يعادونه فيخشون إذا سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عنه أن يأتي بما يكرهونه من وصفه بصفات الكمال والثناء ، ولكن لا مانع أن يقال إن جبريل عليه الصلاة والسلام إذا كان لا يعلم وأنه من أمر الله فالروح التي هي أيضاً روح الحي ، لا تعلم لا أحد يعلمها ، (( قل الروح من أمر رب )) ولهذا نقول إن الروح ليس مادتها من مادة البدن فلا هي لحم ولا عصب ولا هي عظام ولا طين ولا ماء ، جميع المواد لا تكون منها هي من أمر لا نعلمه ، وقد اضطرب فيها المتكلمون فقال بعضهم إن الروح هو الجسد وقال بعضهم هو الدم وقال بعضهم إنها جزء من أجزاء البدن ، وقال آخرون إن الروح شيء ليس داخل العالم ولا خارج العالم ولا متصل ولا منفصل ولا محايد ولا مباين ، فسبحان الله اقسموا فيها كما انقسموا في الصفات منهم من غلا في إثباتها وجعلها من جنس البدن ، ومنهم من غلا في نفيها وقال ليست من داخل العالم ولا خارجه أين تكون ؟ قال شيخ الإسلام رحمه الله : "وسبب اضطراب هؤلاء المتكلمين أنه ليس عندهم علم من الشرع وإنما يذهبون إلى هذه الأمور الغيبية بتحكيم عقولهم ولهذا اضطربوا وفسدت أقوالهم " أما أهل السنة والجماعة فوصفوا الروح بما وصفها الله به ورسوله فقالوا إنما الروح من أمر الله ، ولا نعلم عن كيفيتها ولا حقيقتها ولا من أين خلقت ، الله أعلم .
ولكن نعلم أنها جسم ، جسم يرى وجسم يكفن كما جاء في الحديث أن الروح كما قبض يتبعه البصر ، والبصر لا يتبع إلا شيئا يرى فهي مرئية ، وكذلك أيضاً جاء في الحديث أن الملائكة ينزلون إذا احتضر الإنسان ملائكة الرحمة لأهل الخير وملائكة العذاب لأهل الشر ، وأن معهم كفناً وحنوطاً ، فيأخذون هذه الروح ويكفنونها ، نعم بعد أن يقبضها ملك الموت فيأخذونها منه ثم يكفنونها في هذا الكفن وهذا الحنوط ويصعدون بها إلى السماء ، وهذا هو الصحيح أنها جسم لكنها ليست من جنس أجسام الأجساد بل هي من مادة أخرى الله أعلم بها . وقوله تعالى : (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً )) هذا كالتوبيخ لمن سأل هذا السؤال ، يعني كأنه قال ما بقي عليك من العلم إلا أن تعلم ما الروح ، هل علمت كل شيء؟ لا ، وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً وفي هذا إشارة إلى أن السؤال عما لا يمكن الوصول إليه مذموم وهو من التنطع والتعمق في الدين ، ومن ذلك أن يسأل الإنسان عن كيفية صفات الله الذاتية والفعلية والخبرية ، فلو قال مثلاً : كيف وجه الله هذا من باب التنطع ، سؤال مذموم ولو قال كيف ينزل ؟ فكذلك ، ولو قال كيف يستوي؟ فكذلك ، ولو قال كيف إبصاره للأشياء وكيف سمعه للأشياء فكذلك أيضاً لا تسأل عن شيء لم تخبر عنه من أمور الغيب ، أومن به كما جاء ولا تبحث عما وراء ذلك حتى تسلم من التمثيل ومن التعطيل وفي هذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول في أمور الغيب إلا ما جاء به الوحي ، لأنه سئل عن الروح فسكت ، وإذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسكت عما لم يخبر عنه فما بالك بنا نحن ، نحن أحق بالسكوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن مع الأسف أن بعض منا إذا سئل عن شيء يرى من العيب الفاضح أن يقول لا أعلم أو لا أدري ، بل يجيب فإن أصاب فقد أصاب وإن أخطأ فإنه لا يهتم بذلك مع أن المفتي مخبر عن الله ، مبلغ عنه يقول بلسان حاله وربما يقول بلسان مقاله إن الله حرم كذا أو أوجب كذا أو ما أشبه ذلك ، ولله در سلفنا الصالح حيث يحجمون عن القول بالتحليل أو بالإيجاب إلا ما جاء به الشرع الإمام أحمد رحمه الله ناهيك به علما كان إذا سئل عن مسألة ليس فيها نص كما بالتحريم يقول : لا أرى ذلك ، أكره ذلك ، لا يعجبني ، لا ينبغي ، وما أشبه هذا ، بينما الصبي منا في العلم إذا سئل عن مسألة قد تكون من معضلات المسائل فيما سلف يقول : هذا حرام دل الكتاب والسنة والإجماع والنظر الصحيح على أن هذا حرام ثم يجيب كل الأدلة ... ويقول إنها حرام ولو رجعت لوجدت إنها من قسم
الطالب : المباح
الشيخ : المباح لكن هكذا أملى عليهم عقلهم نسأل الله العافية ، فالحاصل إن الإنسان يجب أن يعرف قدر نفسه وأنه لم يؤتى من العلم إلا القليل وما أحسن قول الشاعر :
" قل للذي يدعي في العلم معرفة *** عرفت شيئا وضاعت عنك أشياء ".
الشيخ : وما أوتوا
القارئ : ما عندي
الشيخ : لا أنا عندي وما أوتوا
القارئ : وما أتوا
الشيخ : نعم
القارئ : الآية وما أوتيتم من العلم
الشيخ : إي نعم ، اقرأ ، اقرأ ، اقرأ وما أتوا ويسهل الله
القارئ : طيب ، ((وما أوتوا من العلم إلا قليلًا )) قال الأعمش : " هكذا في قراءتنا ".
الشيخ : نعم . يعني خلاف المشهورة ، المشهور وما أوتيتم من العلم
القارئ : نصححه
الشيخ : إيه صحح النسخة
قوله تعالى : ويسئلونك عن الروح اختلف العلماء في المراد بقوله الروح هل المراد بها النفس التي بها حياة الأبدان ، أو المراد بها جبريل، لأن جبريل يوصف بأنه روح كما قال الله تعالى : (( تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام )) وقوله : (( قل نزله روح القدس من ربك )) وقوله : (( نزل به الروح الأمين على قلبك )) وقيل المراد بالروح روح الحي ، وظاهر هذا السياق أن الروح جبريل لأن جبريل عدو لليهود يعادونه فيخشون إذا سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عنه أن يأتي بما يكرهونه من وصفه بصفات الكمال والثناء ، ولكن لا مانع أن يقال إن جبريل عليه الصلاة والسلام إذا كان لا يعلم وأنه من أمر الله فالروح التي هي أيضاً روح الحي ، لا تعلم لا أحد يعلمها ، (( قل الروح من أمر رب )) ولهذا نقول إن الروح ليس مادتها من مادة البدن فلا هي لحم ولا عصب ولا هي عظام ولا طين ولا ماء ، جميع المواد لا تكون منها هي من أمر لا نعلمه ، وقد اضطرب فيها المتكلمون فقال بعضهم إن الروح هو الجسد وقال بعضهم هو الدم وقال بعضهم إنها جزء من أجزاء البدن ، وقال آخرون إن الروح شيء ليس داخل العالم ولا خارج العالم ولا متصل ولا منفصل ولا محايد ولا مباين ، فسبحان الله اقسموا فيها كما انقسموا في الصفات منهم من غلا في إثباتها وجعلها من جنس البدن ، ومنهم من غلا في نفيها وقال ليست من داخل العالم ولا خارجه أين تكون ؟ قال شيخ الإسلام رحمه الله : "وسبب اضطراب هؤلاء المتكلمين أنه ليس عندهم علم من الشرع وإنما يذهبون إلى هذه الأمور الغيبية بتحكيم عقولهم ولهذا اضطربوا وفسدت أقوالهم " أما أهل السنة والجماعة فوصفوا الروح بما وصفها الله به ورسوله فقالوا إنما الروح من أمر الله ، ولا نعلم عن كيفيتها ولا حقيقتها ولا من أين خلقت ، الله أعلم .
ولكن نعلم أنها جسم ، جسم يرى وجسم يكفن كما جاء في الحديث أن الروح كما قبض يتبعه البصر ، والبصر لا يتبع إلا شيئا يرى فهي مرئية ، وكذلك أيضاً جاء في الحديث أن الملائكة ينزلون إذا احتضر الإنسان ملائكة الرحمة لأهل الخير وملائكة العذاب لأهل الشر ، وأن معهم كفناً وحنوطاً ، فيأخذون هذه الروح ويكفنونها ، نعم بعد أن يقبضها ملك الموت فيأخذونها منه ثم يكفنونها في هذا الكفن وهذا الحنوط ويصعدون بها إلى السماء ، وهذا هو الصحيح أنها جسم لكنها ليست من جنس أجسام الأجساد بل هي من مادة أخرى الله أعلم بها . وقوله تعالى : (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً )) هذا كالتوبيخ لمن سأل هذا السؤال ، يعني كأنه قال ما بقي عليك من العلم إلا أن تعلم ما الروح ، هل علمت كل شيء؟ لا ، وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً وفي هذا إشارة إلى أن السؤال عما لا يمكن الوصول إليه مذموم وهو من التنطع والتعمق في الدين ، ومن ذلك أن يسأل الإنسان عن كيفية صفات الله الذاتية والفعلية والخبرية ، فلو قال مثلاً : كيف وجه الله هذا من باب التنطع ، سؤال مذموم ولو قال كيف ينزل ؟ فكذلك ، ولو قال كيف يستوي؟ فكذلك ، ولو قال كيف إبصاره للأشياء وكيف سمعه للأشياء فكذلك أيضاً لا تسأل عن شيء لم تخبر عنه من أمور الغيب ، أومن به كما جاء ولا تبحث عما وراء ذلك حتى تسلم من التمثيل ومن التعطيل وفي هذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول في أمور الغيب إلا ما جاء به الوحي ، لأنه سئل عن الروح فسكت ، وإذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسكت عما لم يخبر عنه فما بالك بنا نحن ، نحن أحق بالسكوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن مع الأسف أن بعض منا إذا سئل عن شيء يرى من العيب الفاضح أن يقول لا أعلم أو لا أدري ، بل يجيب فإن أصاب فقد أصاب وإن أخطأ فإنه لا يهتم بذلك مع أن المفتي مخبر عن الله ، مبلغ عنه يقول بلسان حاله وربما يقول بلسان مقاله إن الله حرم كذا أو أوجب كذا أو ما أشبه ذلك ، ولله در سلفنا الصالح حيث يحجمون عن القول بالتحليل أو بالإيجاب إلا ما جاء به الشرع الإمام أحمد رحمه الله ناهيك به علما كان إذا سئل عن مسألة ليس فيها نص كما بالتحريم يقول : لا أرى ذلك ، أكره ذلك ، لا يعجبني ، لا ينبغي ، وما أشبه هذا ، بينما الصبي منا في العلم إذا سئل عن مسألة قد تكون من معضلات المسائل فيما سلف يقول : هذا حرام دل الكتاب والسنة والإجماع والنظر الصحيح على أن هذا حرام ثم يجيب كل الأدلة ... ويقول إنها حرام ولو رجعت لوجدت إنها من قسم
الطالب : المباح
الشيخ : المباح لكن هكذا أملى عليهم عقلهم نسأل الله العافية ، فالحاصل إن الإنسان يجب أن يعرف قدر نفسه وأنه لم يؤتى من العلم إلا القليل وما أحسن قول الشاعر :
" قل للذي يدعي في العلم معرفة *** عرفت شيئا وضاعت عنك أشياء ".