مسألة: في قوله تعالى : (( وللمطلقات متاعٌ بالمعروف حقاً على المتقين )) هل الآية منسوخة أو محكمة، وإذا قلنا بأنها محكمة فهل هي عامة تشمل جميع المطلقات أو عامة أريد بها الخصوص أو عامة مخصوصة حفظ
لأن ((وللمطلقات متاع)) معناه جملة خبرية تثبت الحق وإلا لا؟ مثل قول ابن مالك:
"كَابْنِيأَنْتَحَقًّاصِرْفَا "
لأن هذا مصدر مؤكد لمضمون الجملة فلا يحتاج إلى عامل، وأيا كانت فهي منصوبة على المصدرية و((المتقين )) يعني ذووا التقوى، والتقوى تقدم لنا مرارا أنها قيام بطاعة الله على علم وبصيرة، وما أحسن ما قاله طلق بن حبيب رحمه الله: التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجوا ثواب الله، وأن تترك ما نهى الله على نور من الله تخشى عقاب الله
يقول الله عز وجل: (( للمطلقات متاع)) للمطلقات كلمة مطلقات كما يعلم جميعا تعتبر من الألفاظ العامة، من الألفاظ العموم، لأن أل فيها اسم موصول كما قال ابن مالك:
"وصفة صريحة صلة أل "
إذن ((للمطلقات)) عام كل مطلقة بدون استثناء، و((متاع)) ما تتمتع به من لباس وغيره،
وقوله: ((بالمعروف)) متعلق بالمتاع يعني هذا المتاع مقيد بالمعروف، أي ما يعرفه الناس، وهذا قد يكون مفسرا بقوله تعالى فيما سبق: ((على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف)) ويكون معنى ((متاع بالمعروف)) أي على الموسر بقدر إيساره وعلى المعسر بقدر إعساره، وهذه الآية يقول الله فيها: ((متاع بالمعروف حقا)) يعني أمرا ثابتا واجبا على كل متق لله عزوجل، وقوله: ((على المتقين)) لا يعني أنه لا يجب على غير المتقين، ولكن تقييده بالمتقين من باب الإغراء، من باب الإغراء والحث مثل ما يرد أحيانا قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تفعل كذا وكذا ) ، يعني من الأمثلة أن تحد على ميت فوق ثلاث، فقوله: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، لا يعني أن من لا تؤمن بالله واليوم الآخر يحل لها، ولكن هذا من باب الإغراء والحث، كما لو قلت لك: لا ينبغي للرجل أن يفعل كذا وكذا، أو لا يفعل هذا إلا الرجال، المقصود من ذلك الإغراء والحث، وأيضا تقييده للمتقين يفيد أن التزامه من تقوى الله عزوجل، وأن من لم يلتزم فقد نقصت تقواه .ولنرجع إلى الآية الكريمة هنا فنبحث فيها هل هذه الآية منسوخة أو لا؟ وهل إذا قلنا أنها محكمة هل هي عامة يعني يراد بها العموم؟ أو عامة يراد بها الخصوص؟ أو عامة مخصوصة؟ فعندنا الآن عدة مباحث:
المبحث الأول هل الآية منسوخة، أو محكمة
المبحث الثاني إذا قلنا بأنها محكمة هي منسوخة فهل هي شاملة لكل مطلقة أو يخص منها بعض المطلقات، أو لم يرد بها العموم من الأصل بل هي عام أريد به الخصوص، لننظر الآية الكريمة واضحة، أو بعبارة أصح الآية الكريمة العموم فيها ظاهر، من أين يؤخذ؟ من قوله: ((والمطلقات)) فإن الله تعالى لم يستثن شيئا، لم يستثن المطلقة قبل الدخول ولا من سمي لها مهر نعم؟ بل أطلق، فيشمل المطلقة قبل الدخول والمطلقة بعد الدخول نعم؟ وغيرها.