شرح قول المصنف "... وإن نوى المنفرد الإئتمام لم تصح كنية إمامته فرضا...". حفظ
الشيخ : طيب ثم قال المؤلف " وإن نوى المنفرد الإئتمام لم تصح " .
نعم "إن نوى المنفرد الائتمام لم تصح" يعني شخص ابتدأ الصلاة منفردا ثم حضرت جماعة فصلوا جماعة فانتقل من انفراده إلى الائتمام بالإمام الذي حضر فإن صلاته على المذهب لا تصح، تبطل، ما الدليل؟ ليس هناك دليل ولكن هناك تعليل لأنه نوى الائتمام في أثناء الصلاة فتبعّضت النية حيث كان في أول الأمر منفردا ثم كان مؤتما فلما تبعّضت النية بطلت الصلاة، كانتقاله من فرض إلى فرض وهذا هو المذهب.
والقول الثاني وهو رواية أيضا عن أحمد أنه يصح أن ينويَ المنفرد الائتمام والمثال كما سمعتم رجل شرع يُصلي وحده ثم حضر جماعة فنوى الدخول معهم، فالمذهب تبطل صلاته من حين أن ينوي الدخول معهم فإن استمر استمر في صلاة باطلة والقول الثاني أن ذلك صحيح لأن الاختلاف هنا اختلاف في صفة الصلاة، كان بالأول منفردا ثم صار مؤتما ليس تغييرا لنفس الصلاة بل هو تغيير لصفة من صفات الصلاة فيكون ذلك جائزا.
قالوا والدليل على هذا أنه قد ثبت في السنّة صِحّة انتقال الإنسان من انفراد إلى إمامة كما سيأتي إن شاء الله، فدل هذا على أن مثل هذا التغيُّر لا يؤثّر فكما يصح الانتقال من انفراد إلى إمامة يصح الانتقال من انفراد إلى ائتمام ولا فرق، غاية ما هنالك أنه في الصلاة الأولى صار إماما وفي الصلاة الثانية صار مؤتما.
فإذا قال قائل على القول بالصحّة وهو الصحيح إذا كان قد صلى بعض الصلاة وحضر هؤلاء الجماعة ولنفْرِض أن ذلك في صلاة الظهر وكان قد صلى ركعتين قبل حضور الجماعة فلما حضر الجماعة دخل معهم وحينئذ سوف تتم صلاته إذا صلى الجماعة ركعتين فماذا يصنع؟ نقول يجلس، لا يُتابع الإمام لأنه لو تابع الإمام للزم أن يُصلّيَ ستّا وهذا لا يجوز فيجلس وينتظرُ الإمام ويُسلّم معه وإن شاء نوى الانفراد وسلّم وانصرف فهو بالخيار إن شاء انتظر وإن شاء نوى الانفراد وسلّم وانصرف.
أعرفتم؟ وإن كان دخل معهم في أول صلاتهم فماذا يصنع؟ يُتابعهم ويُسلّم معهم ولا إشكال في المسألة، طيب هذه واحدة.
"وكَنيّة إمامته فرضا" يعني كما لا تصح نية إمامته في الفرض، أي كما لا يصح أن ينتقل المنفرد إلى إمامة في صلاة الفرض واللي سبق الأن انتقال المنفرد إلى ائتمام لا تصح كما قال المؤلف والصحيح الصحة.
إذا انتقل المنفرد من الانفراد إلى الإمامة بأن صلى منفردا ثم حضر شخص أو أكثر فنوى فقالوا له "صلي بنا" فنوى أن يكون إماما لهم فقد انتقل من أين؟ من انفراد إلى إمامة، وهذا يقول المؤلف إنه لا يصح فتبطل صلاته، تبطل صلاته لأنه انتقل من نية إلى نية فتبطل الصلاة كما لو انتقل من فرض إلى فرض.
وعُلِم من قول المؤلف " كنيّة إمامته فرضا " أنه لو انتقل إلى الإمامة في نفل انتقل المنفرد من الانفراد إلى الإمامة في نفل فإن صلاته تصح.
طيب الدليل؟ الدليل أن ابن عباس رضي اله عنهما بات عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل فقام ابن عباس فوقف عن يساره فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأسه من وراءه فجعله عن يمينه واستمر في صلاته فانتقل النبي صلى الله عليه وسلم هنا من أين؟ من أي شيء؟ من انفراد إلى إمامة في فرض أو في نفل؟ في نفل، وعلى هذا فيكون في انتقال المنفرد من انفراد إلى إمامة نصّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذًا المؤلف رحمه الله مشى على أن الإنسان إذا انتقل من انفراد إلى إمامة فإن كان في نفل صح وإن كان في فرض لم يصح ولهذا قال "كنيّة إمامته فرضا".
والقول الثاني في المسألة أنه يصح أن ينتقل من انفراد إلى إمامة في الفرض والنفل واستدل هؤلاء بأنه، بأن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل وهذا ثابت في النفل أي انتقال المنفرد إلى إمامة فيكون جائزا في الفرض كما هو جائز في النفل.
والدليل على أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل أن الصحابة الذين رووا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته في السفر حيثما توجّهت به قالوا " غير أنه لا يصلي عليها الفريضة " فدل هذا على أنه من المعلوم عندهم أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض ولولا ذلك لم يكن لاستثناء الفريضة وجه.
على كل حال القول الثاني في هذه المسألة إيش؟ أنه يصح أن ينتقل من انفراد إلى إمامة في الفريضة وفي النافلة.
القول الثالث في المسألة أنه لا يصح أن ينتقل من انفراد إلى إمامة لا في الفرض ولا في النفل كما لا يصح أن ينتقل من انفراد إلى ائتمام لا في الفرض ولا في النفل، وهذا هو المذهب عند الحنابلة، فيكون المؤلف هنا خالف المذهب، مشى على خلاف المذهب، فالمذهب عند المتأخّرين أنه لا يصح لا في الفرض ولا في النفل ولكن الصحيح أنه يصح في الفرض وفي النفل.
أما النفل فقد ورد فيه النص وأما الفرض فلأن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل.
طيب إذا قال قائل ماذا يجيب القائلون بأنه لا يصح في الفرض ولا في النفل عن حديث ابن عباس؟ فالجواب يجيبون عنه بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى منفردا وهو يغلب على ظنه أن ابن عباس سيصلي معه وبنوا على ذلك أنه إذا انتقل المنفرد من انفراد إلى إمامة وكان قد ظن قبل أن يدخل في الصلاة أنه سيأتيه شخص يكون إماما له فإن ذلك صحيح، قالوا لأنه لما ظن أنه سيحضر معه شخص فقد نوى الإمامة في ثاني الحال من أول الصلاة فلا يضر ولكن نردّ عليهم بأنه كيف يظن النبي صلى الله عليه وسلم أن ابن عباس سيُصلي معه وابن عباس غُلام صغير نائم، هذا من أبعد ما يكون، ثم نقول إن دعوى الظن دعوى وجود شيء الأصل عدَمه فمن يقول إن الرسول عليه الصلاة والسلام قد ظن ذلك فصار قولهم هذا مردودا من وجهين، الوجه الأول بُعْد ظن الرسول عليه الصلاة والسلام أن ابن عباس سيصلي معه وهو غلام صغير نائم.
والثاني أننا نقول حتى وإن لم يكن ذلك بعيدا فمَنِ الذي يقول إن الرسول ظن ذلك، هذا يحتاج إلى دليل لأن الأصل عدم ظنّه ذلك، واضح؟ وحينئذ فيكون هذا الرد على حديث ابن عباس مردودا، قيبقى حديث ابن عباس مُحْكما سالما من المعارضة ويُقاس على النفل الفرض قياسا لا شُبْهة فيه.
وحينئذ لنا انتقالان، انتقال من انفراد إلى ائتمام، فالمذهب لا يصح لا في الفرض ولا في النفل، والصحيح صحته في الفرض والنفل.
ثانيا انتقال من انفراد إلى إمامة وهذا المذهب لا يصح لا في الفرض ولا في النفل والصحيح أنه يصح في الفرض والنفل.
وهناك قول يُفصّل فيقول يصح في النفل ولا يصح في الفرض وهو الذي مشى عليه صاحب المختصر.
طيب الانتقال من إمامة إلى انفراد ومن ائتمام إلى انفراد يعني عكس ما ذكرنا وإلا لا؟
السائل : نعم.
الشيخ : الأول انتقال من انفراد إلى ائتمام والثاني من انفراد إلى إمامة، الثالث العكس أن ينتقل من ائتمام إلى انفراد فهل هذا جائز؟ استمع.