تحت باب الهبة والعمرى والرقبى.
تتمة فوائد حديث :( العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه )
إذن الرجوع في الهبة على القول الراجح حرام سواء قبضت أم لم تقبض، لكن إن كان قبل القبض فهي من باب إخلاف الوعد وإن كان بعده فهو من باب الرجوع فيما ملكه الموهوب له، لأنه يملكها بالقبض هذا هو القول الراجح في هذه المسألة.
وقال بعض العلماء: إن الرجوع في الهبة مباح لأن النبي صلى الله عليه وسلم شبه الراجع بالكلب، والكلب عمله لا يتعلق به تكليف فرجوعه في قيئه لا يأثم به، وإذا كان لا يأثم به كان المشبه وهو الراجع في الهبة لا يأثم برجوعه، لأن التشبيه إلحاق المشبه بالمشبه به، ولكن هذا لا شك أنه من تحريف النص وتعطيل معناه، فهو رجوع بالنص إلى غير ما يريده الرسول عليه الصلاة والسلام، ففيه تحريف لمعنى النص وتعطيل تحريف لمعناه وتعطيل له، لأنا إذا قلنا بجواز الرجوع في الهبة وقلنا إن هذا الحديث يدل على الجواز عطلنا الحديث عن معناه المراد به، إذ معناه إيش؟ التحذير من هذا العمل والآن جعلناه معناه إيش؟ الإباحة لهذا العمل فعطلنا النص، ثم هو أيضًا تحريف للنص إذ أن النص لا يدل على ذلك، بل النص يدل على التحذير من هذا غاية التحذير لو أنك قلت لرجل من الناس يا كلب قال ليش؟ قلت لأنك رجعت في الهبة قال إذن لا أوصف بأني كلب لأن الرجوع في الهبة جائز، فنقول الذي وصفك بهذا من الرسول عليه الصلاة والسلام هل يرضى بهذا أو يفهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصفه بذلك من أجل أن يقول له ارجع في هبتك كما أن الكلب يرجع؟ هذا الشيء مستحيل، ولم يشبه الآدمي الذي فضّله الله على كثير ممن خلق لم يشبه بالحيوان إلا في مقام الذم، شبه الذين حملوا التوراة بمن بالحمار يحمل أسفارًا مدحًا أو ذمًّا؟
الطالب : ذمًّا.
الشيخ : ذمًّا، وشبه الذي أتاه الله آياته فانسلخ منها بالكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث مدحًا أو ذمًّا؟
الطالب : ذمًّا.
الشيخ : ذمًّا، وشبه الذي يتكلم والإمام يخطب يوم الجمعة بالحمار يحمل أسفارا مدحًا أو ذمًّا؟
الطالب : ذمًّا.
الشيخ : هاه ذمًّا، إذن لم يلحق أو لم يشبه الآدمي الذي فضّله الله على كثير ممن خلق بالحيوان إلا في مقام الذم، ولهذا نهى الرسول عليه الصلاة والسلام أن الإنسان يبرك في سجوده كبروك البعير، ونهى أن يبسط الساجد ذراعيه انبساط السبع كالكلب والسبع كله ورد، إذن لا يمكن أن نقول إن هذا الحديث يدل على جواز الرجوع في الهبة، ثم يبطل هذا القول غاية الإبطال قول النبي عليه الصلاة والسلام ليس لنا مثل السوء، وهو صريح في أن الرجوع في الهبة مثل سوء تبرأ منه الرسول عليه الصلاة والسلام، ولو ذهب ذاهب إلى أن الرجوع في الهبة بعد القبض من كبائر الذنوب.
الطالب : لم يبعد.
الشيخ : لم يبعد لماذا؟ لتبرؤ النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ليس لنا مثل السوء.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا فرق بين كون الراجع غنيًّا أو فقيرًا، فلو افتقر الواحد ثم أراد أن يرجع على الموهوب له قلنا لا يجوز، ولا فرق بين أن يرجع على الموهوب له بصفة صريحة أو بحيلة أو بحيلة، مثال الصفة الصريحة: أن يذهب إليه ويقول أعطني ما وهبتك، والحيلة أن يشتريه بأقل من ثمنه هذه حيلة، فإذا كان الموهوب يساوي مئة واشتراه بثمانين فقد رجع بإيش؟
الطالب : بحيلة.
الشيخ : كم بعشرين من مئة الخمس رجع بالخمس مشاعًا فلا يجوز، بل إن بعض العلماء حرّم شراء الإنسان ما وهبه لغيره ولو بثمن المثل، وعلل ذلك بأنه حيلة على الرجوع في الهبة، واستدل لذلك بقصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه حمل رجلًا على فرس في سبيل الله أعطاه إياه يجاهد عليه فأضاعه الرجل أضاعه أهمله، فأراد عمر أن يشتريه ظنًّا منه أنه سيبيعه برخص فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( لا تشتره ولو أعطاكه بدرهم فإن العائد في صدقته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه ) فجعل النبي صلى الله عليه وسلم شراء ذلك من باب إيش؟ من باب الرجوع لأنه قال فإن العائد في صدقته كالكلب، وهذا القول ليس ببعيد لاسيما إذا اشتراه الرجل مباشرة، فإن الغالب أن الموهوب له سوف يخجل ولا يماكسه في الثمن أليس كذلك؟ وش معنى يماكسه؟ يعني يكاسره أو يحاططه يعني ينزل من الثمن، لأنه يقول هو الذي أعطاني إياه كيف أروح أماكسه فتجده ينزل له حياء وخجلًا طيب.
ومن فوائد هذا الحديث: دناءة الكلب وخسته حيث كان يفعل هذا الفعل ولا ندري عن بقية الحيوانات، هل تفعل مثل ذلك أم لا؟ لكن إن فعلت فهذا دناءة أن يتقيأ ثم يرجع في قيئه ولا تستغرب إذا قلنا في ذلك دناءة الكلب وخسته، لأنك قد تقول هذه بهائم وما لها وللخسة وما لها ولكرم الأخلاق، فنقول: بل إن البهائم تمدح على مكارم الأخلاق، فإن ناقة النبي عليه الصلاة والسلام في غزوة الحديبية لما بركت وخلأت أبت أن تستمر في السير إلى مكة صاح الناس وقالوا خلأت القصواء خلأت القصواء يعني حرنت ووقفت فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( والله ما خلأت وما ذاك لها بخلق ) دافع عنها ( وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل ) ثم قال: ( والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها شعائر الله إلا أجبتهم عليها ) الحاصل أن الرسول عليه الصلاة والسلام دافع عن ناقته أن توصف بسوء الخلق قال: ( ما خلأت وما ذاك لها بخلق ) فبعض الحيوانات يكون دنيئًا خسيسًا ويدل ذلك على قبحه، فبعض الحيوانات قد يترفع عن مثل هذه الخسة، ويدل لهذا أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خمس من الدواب كلهن فاسق ) فوصفهن بالفسق، ويدل لهذا أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم حرّم كل ذي ناب من السباع ما يؤكل وكل ذي مخلب من الطير لماذا؟ قال العلماء: لأن الآكل لذلك إذا تغذى بهذا اللحم تأثر به تأثر صار يأكل الناس، لأنه أكل لحم السباع فيخشى أن يكون سبعًا، وإذا لم تتحقق السبعية فربما يكون من طبيعته محبة الأذى، فلذلك نهي عنه وقال أخذ العلماء بهذا فقالوا: يكره للإنسان أن يسترضع لولده امرأة حمقاء، قالوا: لأن ذلك يؤثر في طبيعة الولد يكون الولد أحمق، فاطلب له امرأة تكون حليمة حسنة الأخلاق لأنه يتأثر بذلك.
على كل حال هذا الحديث يدلنا على خسة الكلب ودناءته وبه نعرف خسة من أكرموا الكلب وعظموا الكلب وصاروا يجعلونه ينام على السرير وهم ينامون على الأرض، ويختارون له من اللحم إذا قدم إليهم أطيب اللحم يعطونه إياه ويغسّلونه بالصابون المطيب.
الطالب : والشامبو.
الشيخ : والشامبو نعم وهم لو غسلوه بماء البحر فهو عين نجسة خبيثة، لكن سبحان الله ربما يكون قوله تعالى: (( الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات )) يتناول حتى هذا وهي أن النفوس الخبيثة تألف الخبيث، ومن ثم نسمع عنهم بخبثهم أن الواحد منهم إذا جلس على الخلاء وتعرفون أن كراسي الخلاء عندهم مرتفعة يعني كراسي جلوس واستقرار قال يالله هاتوا الجرائد هاتوا الصحف ثم جلس على هذا الخلاء كاشف العورة وهو يقرأ الصحف نعم ويستريح يستريح في هذا، مع أن المكان خبيث كان الرسول عليه الصلاة والسلام إذا أراد أن يدخل قال: ( اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ) لكن هم لخبث أنفسهم يألفون هذا، وهذه معاني لا يدركها إلا من تأمل في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم (( يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس )) نجس ما عاد أعظم من هذا الوصف، لكن أكثر الناس يظنون أن الإنسانية إنسانية حتى فيمن انحرف عن مقتضى الإنسانية، ولكن الإنسانية إنسانية إذا وافق الإنسان الطبيعة والفطرة التي خلق عليها الإنسان وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها أن أقوم لله بدين الله وأقم وجهك للدين حنيفًا هاه؟ هذه فطرة أن تقيم وجهك للدين حنيفًا، إذا لم تقم وجهك للدين حنيفًا فقد خالفت الفطرة وخرجت عن مقتضى الإنسانية وصرت مثل البهائم بل أشر (( إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون )) (( إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون * ولو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم )) فكل من لم يسمعه الله دينه فإنه أصم أبكم وهو شر الدواب، ولكن مع الأسف أن كثيرًا من الناس اليوم لا يرون هذا شيئًا، بل قد يرون أن بعض الكفار الذين أخذوا من محاسن أعمال الفطرة ما أخذوا خير من المسلم اعلم أنه ليس في الكفار صدق ولا وفاء بعهد ولا حسن في معاملة إلا وهو في الإسلام كل شيء من محاسن الكفار فهو موجود في الإسلام، لكن من أصمه الله من المسلمين وصار أذنابًا لهم يرى أن كل خلق حسن ومعاملة طيبة فهي منهم، حتى إننا سمعنا بعض الناس يقول إذا أراد أن يحث على صاحبه على الوفاء بالوعد يقول إنه وعد إنجليزي سبحان الله! لماذا لا تقول إنه وعد مؤمن هاه؟ لأن المؤمن هو الذي لا يخلف هو الذي لا يخلف وليس في الإنجليز ولا في الأمريكان ولا في الروس ولا غيرهم شيء من محاسن الأخلاق إلا وهو عند المسلمين، لكن نعم المسلمون حقيقة فرّطوا وأضاعوا وصاروا يتخلقون بأخلاق الكفار والكفار يتخلّقون بأخلاقهم في المعاملة المعاملة التي يمشون فيها دنياهم أما في العبادة فإنهم ما أخذوا شيئًا من الإسلام طيب.
الطالب : شيخ شيخ؟
الشيخ : نعم.
الطالب : إذا وعد إنسان ... ثم تبين له أن ...
إذا وعدت شخصا بشيء على أنه طالب علم ثم تبين له أنه ليس بطالب علم فهل لك أن تخلف الوعد ؟
السائل : شيخنا بارك الله فيك علمنا أن الحيوان ليس فيهم تكليف وفيه حديث عن النبي صلى الله عليه يقول ( أن الله سبحانه وتعالى يقتص يوم القيامة من الظالم للمظلوم من الشاة القرناء للشاة الجلحاء ).
3 - إذا وعدت شخصا بشيء على أنه طالب علم ثم تبين له أنه ليس بطالب علم فهل لك أن تخلف الوعد ؟ أستمع حفظ
إن البهائم ما عليها تكليف لكن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال والله لتؤدين الحقوق إلى أهلها حتى إنه ليقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء ؟
4 - إن البهائم ما عليها تكليف لكن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال والله لتؤدين الحقوق إلى أهلها حتى إنه ليقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء ؟ أستمع حفظ
هل هذا الوصف البشع ينطبق أيضا على الإنسان الذي يرجع في هبته سرا ؟
الشيخ : مثل؟
السائل : مثل شخص وعده بشيء ثم أعطاه إياه ثم رجع فيها أخذها بالسر.
الشيخ : لا فرق لا فرق سواء سرًّا أو علنًا نعم وربما خصوصًا فيما بين الزوج والزوجة، ربما لو رجع بدون علمها يكون في ذلك مفسدة أن يقع في قلبها شيء عليه ثم تزول العشرة.
السائل : شيخ إذا اختلفا في أمر معين ثم قد ظهر الأمر بهذه الصورة فلم ... هل؟
الشيخ : كيف؟
إذا اختلفوا في أمر معين وقال إذا كان الأمر بهذه الصورة فلك ذلك فهل يعتبر هذا وعدا ؟ وهل يدخل هذا في الرهان ؟
الشيخ : نعم.
السائل : فقال إذا كان الأمر بهذه الصورة فلك كذا عندي.
الشيخ : نعم هذا وعد هذا هذا وعد، ويتأكد الوفاء به إذا كان الموعود قد بذل جهدًا وأمضى وقتًا في الحصول على ذلك فإن هذا قد نقول بوجوب الوفاء بالوعد من وجهين، من جهة أنه وعد ومن جهة أن الآخر تعب تكلّف.
السائل : ألا يدخل في باب ...
الشيخ : لا، هذا إذا كان من الطرفين غانم أو غارم.
السائل : إذا ثبت أن الكلب خبيث في هذا الحديث وفي أحاديث أخرى.
الشيخ : نعم.
السائل : فما نقول اللي يصفون الكلب بالوفاء؟
6 - إذا اختلفوا في أمر معين وقال إذا كان الأمر بهذه الصورة فلك ذلك فهل يعتبر هذا وعدا ؟ وهل يدخل هذا في الرهان ؟ أستمع حفظ
الكلب نجس فكيف نأكل ما صاده ؟
السائل : يا شيخ؟
ما حكم رد الهبة إذا رأيت أن الواهب فقيرا وقد تكلف فيها ؟
السائل : يا شيخ إذا رد علينا الهبة هبة قال وعدتك ... بعد أن ...
الشيخ : إيه الظاهر إن شاء الله أنه لا بأس به الظاهر أنه لا بأس به يعني الموهوب له وهبه فيما بعد الظاهر أنه لا بأس به، ولكن خير من ذلك يعني مثل لو علمت أن الواهب فقير وأنه تكلّف فيما وهبك فهنا خير من أن ترد عليه هبته وأطيب أن تكافئه تعطيه مكافأة إذا كنت قادرًا، نعم؟
هل يقاس على منع شراء الهبة على من ....؟
الشيخ : إيه نعم من باب أولى لأن هذا أخرجه لله، نعم؟
السائل : شيخ إذا وصف ...
ما حكم الرجوع في الوصية ؟
السائل : إذا أوصى أن هذا الشيء هبة لفلان بعد موته.
الشيخ : بعد إيش؟
السائل : بعد موته.
الشيخ : نعم.
السائل : ثم رجع في وصيته قبل أن يموت.
الشيخ : لا بأس الرجوع في الوصية لا بأس به.
السائل : ما يكون ...
الشيخ : هو ما أخبره ما أخبره ثم إنه ليس وعدًا مطلقًا هذا وعد مقيد وقد يموت الموعود قبله، نعم؟
السائل : يا شيخ إذا عمل أحد الأشخاص لك عمل ترتب ... عليه هبة أو شيء أو واسطة ...
كيف تكافئ بالهبة وخاصة لو كانت خدمة من الموظف لك فاعطيته مكافئة فما حكم ذلك ؟
الشيخ : يعني تكافأه بشيء.
السائل : تكافئه بشيء مثلًا غير العمل اللي أداه لك.
الشيخ : هاه؟
السائل : غير العمل الذي أداه لك.
الشيخ : كيف غير العمل اللي أداه؟
السائل : توسط له في شيء.
الشيخ : المهم أن الرجل يعني عمل لك معروف ستكافئه بمال أو جاه أو منفعة ما فيه بأس.
السائل : مثل بعض الموظفين يمشي لك معاملة.
الشيخ : إيه نعم.
السائل : فتكافئه بشيء منها.
الشيخ : ما في شيء إذا لم تكن رشوة، إيه نعم أذن.
مناقشة ما سبق.
الطالب : محمد.
الشيخ : يالا محمد هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : سبق لنا أن الذي يرجع في هبته قد أتى حرامًا فهل هناك دليل على ذلك؟
الطالب : أن النبي صلى الله عليه وسلم شتمه بالكلب.
الشيخ : نعم.
الطالب : وأن هذا موقع ذم وفي رواية قال ... فهو أقرب أن النبي صلى الله عليه تبرأ من الذي يفعل هذا.
الشيخ : المهم الآن ما هو الدليل؟
الطالب : قول النبي للذي يعود في هبته كالكلب.
الشيخ : كالكلب يقيء.
الطالب : يعود إلى قيئه.
الشيخ : طيب ادعى بعض الناس أن هذا الحديث يدل على الإباحة وذلك أن الكلب ليس مكلفًا ففعله ليس فيه إثم فما جوابك على هذا؟
الطالب : الجواب على هذا أن القائل بهذا القول قد حرّف معنى الحديث والأصل ... لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد بهذا ضرب المثل بيان ... الفاعل وسوء فعله فكيف يقال إنه دليل على الإباحة بل إنه دليل على التحريم.
الشيخ : طيب هل في طرق الحديث ما يدل على بطلان هذا التأويل؟
الطالب : إيه نعم.
الشيخ : هاه؟
الطالب : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في رواية البخاري: ( ليس لنا مثل السوء ).
الشيخ : ليس لنا مثل السوء أحسنت طيب.
هل لك أن تأتي بمثال يفيد بأن تشبيه الإنسان بالحيوان إنما يكون في مقام الذم يالا يا بخاري أنه ما شبه الإنسان بالحيوان في الكتاب ولا في السنة إلا في مقام الذم.
الطالب : قول الله تعالى في سورة الجمعة: (( كالحمار يحمل أسفارا ))
الشيخ : (( مثل الذين حملوا التوراة )).
الطالب : ثم لم يحملوها.
الشيخ : (( ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفار )).
الطالب : وكذلك تشبيه النبي صلى الله عليه في يوم الجمعة في الذي ينهى عن الخطيب بأنه.
الشيخ : الذي يتكلم والإمام يخطب.
الطالب : نعم.
الشيخ : كمثل الحمار طيب نعم شاكر نريد مثالًا ثالثًا؟
الطالب : قول الله تعالى: (( كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث )).
الشيخ : هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : فين (( واتل عليهم نبأ الذي أتيناه )).
الطالب : (( واتل عليهم نبأ الذي أتيناه فانسلخ منها فأتبعه الشيطان )) ولو شئنا.
الشيخ : (( فكان من الغاوين )).
الطالب : (( فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبعه هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث )).
الشيخ : طيب الخامس أنت نعم هاه؟
الطالب : الحديث أو؟
الشيخ : الخامس؟
الطالب : من القرآن أو السنة؟
الشيخ : من السنة أو من القرآن.
الطالب : السبعة الفوائد.
الشيخ : كيف؟
الطالب : يدل على ... الفوائد.
الشيخ : لا.
الطالب : ...
الشيخ : طيب لا بأس هذا إبراهيم طيب آدم ؟
الطالب : النفس ... يعني.
الشيخ : لا لا هذا بعيد.
الطالب : ... يكون ما فيه.
الشيخ : لا يبرك كما يبرك البعير.
الطالب : كما يبرك البعير.
الشيخ : إيه طيب بارك الله فيك.
هل يشترط لتحريم العود في الهبة يا خالد أن يكون الموهوب له قد قبضها؟
الطالب : الأصل فيه يشترط القبض.
الشيخ : يعني لو عاد قبل أن يقبض؟
الطالب : صح العود.
الشيخ : صح العود.
الطالب : ولكنه لاختلاف ...
الشيخ : ولكنه نعم يحرم عليه ... لأنه بخلاف ... نعم.
وعن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها ، إلا الوالد فيما يعطي ولده ) . رواه أحمد والأربعة ، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم .
قوله: ( ولا يحل ) من المعلوم أن الحل يقابله التحريم أو يقابله الحرام لقوله تعالى: (( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام )) ولقوله تعالى: (( يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث )) فإذا نفي أحدهما ثبت الآخر.
فقوله: ( لا يحل ) كقولك يحرم، وقوله: ( لرجل مسلم ) الرجل هو البالغ الذكر البالغ، والمسلم هو الذي أسلم لله بالتزام شرع محمد صلى الله عليه وسلم، وذكر الرجل بناء على الأغلب لأن المرأة مثله، ووصف بالمسلم من باب الإغراء على تجنب هذا العمل، كأنه يقول إن كان مسلمًا فليتجنب كما تقول للإنسان لا يحل للكريم أن يبخل يعني بمقتضى كرمه، فلا يحل لرجل مسلم أي بمقتضى إسلامه فهو من باب الإغراء.
وقوله ( أن يعطي العطية ) فعيلة بمعنى مفعولة يعني معطاة يعني أن يعطي شيئًا ثم يرجع فيها بعد أن يسلمها.
( إلا الوالد فيما يعطي ولده ) الوالد اسم فاعل من ولد يلد وهو شامل للذكر والأنثى، لأن الأم تسمى والدة والأب يسمى والد طيب.
وقوله: ( فيما يعطي ولده ) يشمل الذكر والأنثى يعني في الذي يعطيه فإنه يجوز أن يرجع، ووجه ذلك أن الوالد له أن يتبسّط بمال ولده، يعني له أن يأخذ منه بلا عوض، فإذا كان كذلك فله أن يرجع فيما وهبه له ولو بعد ملكه إياه، طيب هذا الحديث كما ترون يبين فيه الرسول عليه الصلاة والسلام أنه لا يحل للواهب أن يرجع فيما وهب إلا الوالد إذا أعطى ولده شيئًا.
13 - وعن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها ، إلا الوالد فيما يعطي ولده ) . رواه أحمد والأربعة ، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم . أستمع حفظ
فوائد حديث: ( لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها ... ).
ثانيًا: إبطال قول من يقول إن العود في الهبة جائز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم شبه ذلك برجوع الكلب في قيئه، ورجوع الكلب في قيئه لا يترتب عليه إثم فيكون جائزًا، فنقول: هذا الحديث مما يرد به على هذا التأويل الفاسد.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يحل للرجل أن يعطي عطية ثم يرجع، فمفهومه أن الأنثى يحل لها أن تعطي العطية ثم ترجع، ولكن هذا المفهوم غير معتبر، وذلك لأن التعبير بالرجل من باب التغليب وكل شيء يؤتى به بناء على التغليب فإنه لا يكون له مفهوم، وعلى هذا فلا يحل للمرأة أيضًا أن تعطي العطية ثم ترجع فيها.
ومن فوائده: أن الإسلام يحث على الأخلاق الكريمة، من فوائد الحديث: أن الإسلام يحث على الأخلاق الكريمة، وجه ذلك أن الرجوع في الهبة خلق ذميم ومن تخلّق به فهو لئيم، والمسلم لا يمكن أن يرجع لأن إسلامه يمنعه من أن يرجع فيما أعطى.
ومن فوائد هذا الحديث: أن عدم الرجوع في الهبة من مقتضيات الإسلام لقوله: ( لا يحل لرجل مسلم ).
ومن فوائده: جواز رجوع الوالد فيما وهب ولده لقوله: ( إلا الوالد فيما يعطي ولده ) وظاهره أنه يشمل الذكر أو الأنثى يعني الأم والأب، وذهب بعض العلماء إلى أنه خاص بالأب وأن الأم لا يحل لها أن ترجع، وعلل ذلك بأن الأب هو الذي يتملك من مال ولده وأما الأم فليس لها حق التملك، فإذا لم يكن لها حق التملك لم يكن لها حق الرجوع في الهبة وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله على أن الرجوع في الهبة جائز نعم للأب خاصة دون الأم، ولكن بعض أهل العلم ذهب إلى العموم وقال لا فرق بين الأب والأم، لأن الحديث يقول الوالد والأم لا شك أنها والدة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا فرق بين أن يكون الولد كبيرًا أو صغيرًا لا فرق أن يكون كبيرًا أو صغيرًا من أين يؤخذ؟ من قوله: ( ولده ) لأنها مفرد مضاف فيعم، ولا بين أن يكون ذكرًا أو أنثى ولا بين أن يعطيه ويعطي إخوانه أو لا ولا بين أن يكون نفقة أو غير نفقة، المهم أن الحديث عام فهل نأخذ بهذا العموم؟ فالجواب أن الأصل الأخذ بالعموم، ولكن إذا وجدت أدلة تخصصّ هذا العموم فإنه يخصص، فنبدأ ننظر الوالد ما يعطي ولده يشمل الصغير والكبير فيه تخصيص؟ لا، طيب الوالد فيما يعطي ولده إذا كان حيلة على أن يفضّل بعض الأولاد مثل أن يعطي الولدين كل واحد سيارة ثم يرجع في عطية أحدهما وهو من الأصل إنما أراد أن يفضّل أحدهما، فهنا نقول الرجوع حرام ما الدليل على هذا التخصيص؟ قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) واضح يا جماعة؟ أنتم تسألون عن المسألة زين ولا لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : يعني إنسان عرف أنه لو أعطى أحدى ابنيه سيارة دون الآخر فهو حرام، لكن تحيّل أعطى الاثنين سيارتين كل واحد سيارة ثم بعد ذلك رجع في هبة أحدهما، فصار حقيقة الأمر أنه إيش؟ أعطى واحدًا وترك الآخر فإذا كان نيته في الرجوع أن يفضّل أحدهما على الآخر صار الرجوع حرامًا والدليل ما سمعتم هو: ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) طيب يشمل ما أعطاه للنفقة وما أعطاه تبرعًا ماذا تقولون؟ نقول لا، لا يشمل لأن ما أعطاه للنفقة لا يجوز الرجوع فيه، لأن النفقة واجبة فلو أعطاه مثلًا عشرين ألفًا مهرًا يتزوج به فإنه لا يجوز أن يرجع فيه، وذلك لأن الإنفاق واجب عليه ولا يمكن أن يسقطه طيب، يشمل ما إذا رجع في هبته ليعطيها لولد آخر أو ليتملكها هو؟
الطالب : لا.
الشيخ : ما يشمل لا يشمل هذا، فلو رجع في عطية زيد من أبنائه ليعطيها لعمرو الابن الثاني كان هذا الرجوع حرامًا ولا شك، لأنه قصد به المحرّم وهو التفضيل وما قصد به المحرم كان حرامًا طيب.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يجوز لأي واهب أن يرجع إلا الوالد، وظاهره حتى لو أن شخصًا وهب إنسانًا هبة بناء على سبب معين وتبين انتفاء هذا السبب فإنه لا يرجع، ولكن بعض العلماء قال: إنه في هذه الحال يرجع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات ) مثال هذا: امرأة أحسّت من زوجها أنه يريد أن يطلقها أو فعلًا قال سأطلقك فأعطته دراهم لئلا يطلقها، ولكنه ما كاد أن تصل الدراهم إلى جيبه حتى طلقها وش تقولون في هذا؟ ترجع ولا ما ترجع؟
الطالب : ترجع.
الشيخ : نعم ذكر أهل العلم أنها ترجع لأنها إنما وهبته من أجل هاه؟ أن تبقى عنده لا من أجل أن يطلقها، فإذا علمنا بقرائن الأحوال أو بلسان المقال أنها إنما وهبته ليبقيها ثم طلقها، فلها أن ترجع ومثل ذلك أيضًا لو أن شخصًا وهب إنسانًا هبة بناء على أنه هو الذي أنجز له الحاجة الفلانية ثم تبين أنه غيره فله أن يرجع لأن هذه الهبة وإن لم يشترط أنها في مقابلة العمل، فالقرينة تدل على أنها في مقابلة العمل فإذا تبين أن العمل لم يقع من الموهوب له فللواهب أن يرجع، وقد يقال: إن هذا لا يدخل في الحديث أصلًا لأن الحديث يقول: ( لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ) وهو ظاهر في أن هذه العطية ليس لها مقابل وما ذكر من مسألة الزوجة وفي مسألة العامل إنما تعطي هاه؟ في مقابل شيء لم يحصل فلا يدخل في هذا الحديث.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها . رواه البخاري .
كان يقبل يقول العلماء رحمهم الله إن كان إذا كان خبرها مضارعًا فإنها تدل غالبًا على الدوام، تدل غالبًا على الدوام لا دائمًا، وما أطلقه بعض العلماء من أن كان تفيد الدوام فليس مرادًا، والدليل على هذا أنه قد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يقرأ في صلاة الجمعة بسبّح والغاشية، وأنه كان يقرأ في الصلاة الجمعة بالجمعة والمنافقين، ولا يمكن أن نقول إن كان هنا تدل على الدوام والاستمرار لو قلنا بذلك لتناقض الخبران، فإذن هي تدل على الدوام إيش؟ غالبًا لا دائمًا طيب.
كان يقبل الهدية كان يقبل الهدية عليه الصلاة والسلام من أي شخص حتى قال صلى الله عليه وسلم: ( لو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلته ) حتى الهدية القليلة ذراع أو كراع تعرفون الكراع؟
الطالب : لا.
الشيخ : كراع البهيمة هاه؟ اذبح شاة وادعني أريك إياها نعم يقول لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت مع علو مرتبته عليه الصلاة والسلام وشرف مقامه، لو أهدي إليه هذه الشيء الزهيد لقبله من أي شخص، حتى إنه يقبل الهدية من اليهود أهدت إليه امرأة من يهود خيبر حين فتح خيبر أهدت إليه شاة، وقد سألت ما الذي كان يعجبه من الشاة قالوا كان يعجبه الذراع فجعلت في هذا الذراع سمًّا سمًّا قاتلًا، وأهدت الشاة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فدعا أصحابه وأخذ من هذا الذراع، لأنه يعجبه فلما لاكه لم يهضمه مضغه ولكنه ما هضمه ما نزل إلى معدته، ثم قذفه عليه الصلاة والسلام لفظه لفظه وتبين أن فيه سم، فدعا المرأة فقال: ما الذي حملك على هذا؟ قالت: أردت إن كنت نبيا فإن الله سوف ينقذك منه وإن كنت كاذبًا فسنستريح منك، فكان هذا آية للرسول عليه الصلاة والسلام أن الله تعالى أنجاه منه، ولكن مع ذلك كان في مرض موته يقول: ( ما زالت أكلة خيبر تعاودني ) وهذا أوان انقطاع الأبهر مني، حتى إن الزهري قال إن الرسول صلى الله عليه وسلم يعتبر شهيدًا لأن اليهود قتلوه، وهذه من عادة اليهود عليهم لعنة الله إلى يوم القيامة يقتلون الأنبياء بغير حق، الحاصل أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها، وقد ذكر ابن القيم أظنه في عن ابن عساكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد هذه الأكلة صار إذا قدّم إليه طعام جعل المقدم يأكل منه قبله أو شراب جعله يشرب منه قبله، احترازًا وتحريًا والإنسان مأمور بالتحري.
على كل حال تقول كان يقبل الهدية، والهدية هنا جنس يشمل القليل والكثير من أي مهدٍ كان، ولكنه لكرمه يثيب عليها يعني يعطي مقابلًا لها أكثر أو أقل هو كريم عليه الصلاة والسلام أكرم الخلق فسيعطي أكثر، ولكن ربما نقول إنه يثيب عليها بما تيسر له أقل أو أكثر، المهم أن يكسر منة المهدي حتى لا يقع في نفسه يومًا من الدهر أنه منّ على الرسول صلى الله عليه وسلم.
15 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها . رواه البخاري . أستمع حفظ
فوائد حديث :( عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها ).
ثانيًا: ألا تقع موقع الرشوة بحيث يهدي الخصم إلى القاضي هدية أمام الحكومة يعني أمام المحاكمة لأنها رشوة في الواقع.
ثالثًا: ألا تعظم منة المهدي بحيث نعرف أن هذا المهدي من أهل المن يعني من الناس المنانين، لأن في قبولها في هذه الحال غضاضة على المهدى إليه لا يأمن إنه كل ما جلس في مجلس وسلم قال عليكم السلام أنت تذكر يوم أهديك لك هذا اليوم نعم هذا يؤذيه أليس كذلك يؤذيه، فإذا كان يخشى من الأذية فلا يقبل لأن في هذا غضاضة عليه، والإنسان لا ينبغي له أن يهين نفسه طيب.
الشرط الرابع: ألا تكون الهدية محرمة ألا تكون محرمة، سواء كان التحريم لعينها أو لحق الغير، مثال المحرم لعينه أن يهدي إليه علبة بكت فالقبول هنا حرام، حتى وإن كان المهدى إليه لا يشرب الدخان فإنه لا يجوز أن يقبلها ليذهب ويبيعها، لأن الله إذا حرّم شيئًا حرّم ثمنه، أو محرمة لعينها لحق الغير مثل أن أعرف أن هذا الذي أهدى إلي قد سرقه من فلان أو فلان أو غصبه من فلان أو فلان فهنا لا يجوز القبول طيب.
فإن كان الواهب أو المهدي ممن كسبه حرام لكن لا بعينه يعني لم يهد إليّ شيئًا محرم لعينه أو بعينه لكن كسبه حرام، فهل يجوز أن أقبل هديته؟ كشخص يتعامل بالربا فهل يجوز أن أقبل هديته؟ نعم الصحيح أنه يجوز أن تقبل هديته لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل هدية اليهود وهم يأكلون السحت ويأخذون الربا، ولأن هذا محرّم لكسبه والمحرّم لكسبه يتعلق حكمه بمن بالكاسب لا بمن تحول إليه على وجه مباح، نعم لو فرض أن في رد هدية هذا الذي يكتسب المال بالحرام ردعًا له عن الكسب الحرام كان ردها هنا حسنًا من باب تحصيل المصالح، إذا علمت أن هذا الرجل لما أهدى إليّ قلت لا أقبلها لأنك ترابي إذا علمت أنه سوف يرتدع فحينئذ أردها تحصيلًا لإيش؟ لهذه المصلحة ودفعًا للمفسدة، أما إذا لم يكن هناك مصلحة فلا يجب عليه ردها، طيب هذه الشروط التي ذكرناها مأخوذة من أدلة أخرى غير هذا الحديث.
وقوله: " يثيب عليها " هل الثواب واجب هل الثواب على يعني على الهدية واجب؟ لا، لكنه من مكارم الأخلاق إلا إذا علمت أنه أهدى إليّ لأثيبه فحينئذ تجب الإثابة تجب الإثابة، مثال ذلك هذا رجل أمير أو ملك جاء شخص صعلوك فأهدى إليه فرسًا تساوي خمسة آلاف ريال أهدى إليه الفرس فقال له الأمير أو الملك جزاك الله خيرًا وأخلف عليك وصرفه وش تقولون في هذا يكفي ولا ما يكفي؟ ما يكفي لأن قرينة الحال أنه يريد الثواب يريد الثواب، ولهذا قال العلماء إنه تجب الإثابة إذا علمنا أن الواهب يريد الثواب وهذا صحيح كما قالوا إنه يحرم قبول الهدية إذا علمنا أنه أهدى هاه؟ خجلًا وحياء فإنه يحرم قبول الهدية فهذه أيضًا تجب الإثابة طيب، أيما أولى أن يثيب أو أن يرد الهدية؟
الطالب : أن يثيب.
الشيخ : أن يثيب لا شك لأن هذا هو هدي النبي عليه الصلاة والسلام، ولأن في هذا جبرًا لخاطر أو لقلب المهدي، لأنك لو رددت الهدية سوف يقدر في ذهنه لماذا ردها أكراهة لي أم كراهة لهديتي أم في مالي حرام أم كذا أم كذا، لكن إذا قبلت فأثب إذا كنت تخشى أن صاحبك قد خسر عليها شيئًا كثيرًا فأثب عليها ويزول بذلك المحذور كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية وربما سأل الهدية لكن لمصلحة، مثال ذلك قصة السرية الذين بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم فنزلوا على قوم ضيوفًا فلم يضيفوهم، وقدر الله عز وجل أن لدغ سيدهم سيد القوم لدغته عقرب فطلبوا من يقرأ عليه فقالوا لعل هؤلاء القوم معهم راقي، فجاؤوا إلى الصحابة وقالوا إن سيدنا لدغ وإننا نطلب منكم من يرقى عليه قالوا ما نرقى عليه إلا بجعل، والصحابة معه حق ولا لا ليش؟ لأنهم ما ضيفوهم قالوا نعم نعطيكم هذا الغنم فذهب أحدهم وجعل يقرأ عليه بفاتحة الكتاب فقط حتى قام الرجل كأنما نشط من عقال، ثم ترددوا في هذا وقالوا ما يمكن نأكل هذا الغنم حتى نصل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ونخبره، فلما وصلوا المدينة وأخبروا النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خذوا واضربوا لي معكم بسهم ) صلى الله عليه وسلم إذن طلب الهدية لكن لأي سبب لمصلحة القوم، لأنهم لأن الرسول إذا أخذ وأكل طابت نفوسهم أكثر، فلهذا نقول هذا من مصلحة المهدي والنبي عليه الصلاة والسلام ما قصد ينتفع بهذا ولكن ليطمئنهم ويطيّب قلوبهم، وكذلك دخل يومًا والبرمة على النار وفيها لحم فقدّم إليه الغداء قال ألم أر البرمة على النار قالوا هذا لحم تصدق به على بريرة وش بريرة؟ هذه مولاة لعائشة قال: ( هو عليها صدقة وهو لنا منها هدية ) عليه الصلاة والسلام طيب " يقبل الهدية ويثيب عليها " رواه البخاري.
انتهت الأوراق اللي عندي وش الحديث اللي بعد؟
16 - فوائد حديث :( عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها ). أستمع حفظ
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : وهب رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة فأثابه عليها ، فقال : ( رضيت ؟ ) قال : لا . فزاده ، فقال : ( رضيت ؟ ) قال : لا . فزاده ، فقال : ( رضيت ؟ ) قال : نعم . رواه أحمد ، وصححه ابن حبان .
قوله: أهدى ناقة ومن المعلوم أن هذا الرجل لم يهد هذه الناقة إلا وهو يترقب عوضًا عنها، فالهدية هنا بمنزلة البيع ولهذا أعطاه النبي عليه الصلاة والسلام حتى رضي، كما أعطى جابر بن عبدا لله نعم حتى رضي، قال: ( بعنيه بأوقية، قال: لا ) فكرر عليه حتى باع عليه المهم أن النبي عليه الصلاة والسلام فهم أن هذا الرجل الذي أهدى الناقة إنما أهداها إيش؟ على وجه المعاوضة فأثابه عليها فقال: رضيت؟ قال: لا، فزاده، فقال: رضيت؟ قال: لا، فزاده، فقال: رضيت؟ قال: نعم ) وهذا واضح في أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يثيب ما يرضى به المهدي إما بلسان حاله وإما بلسان مقاله، أما لسان المقال فكما سمعتم في الحديث وأما لسان الحال فأن يقدّر المهدى إليه أن ما أثاب على هديته أكثر من قيمتها، فإذا غلب على ظنه أنه أكثر أو أنه مساوي فقد أثاب.
17 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : وهب رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة فأثابه عليها ، فقال : ( رضيت ؟ ) قال : لا . فزاده ، فقال : ( رضيت ؟ ) قال : لا . فزاده ، فقال : ( رضيت ؟ ) قال : نعم . رواه أحمد ، وصححه ابن حبان . أستمع حفظ
فوائد حديث :( ابن عباس رضي الله عنهما قال : وهب رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة فأثابه عليها ... ).
ومن فوائد هذا الحديث: حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم، حيث نزل كل إنسان منزلته فأعطى هذا الرجل حتى رضي، وكان يوهب عليه الصلاة والسلام من أصحابه ولم يكن يفعل بهم أو يفعل معهم كفعله مع هذا، ثم قال المؤلف: وعن جابر.
الطالب : شيخ؟
طالب آخر : شيخ؟
الشيخ : نعم يا محمد واصل؟
السائل : شيخ إذا أهداني شخص مثلًا يعني هدية وأنا عندي يعني مثلًا نوعان من المال ... مثلًا ذرة وبر فوافقته أن يأخذ من البر وأنا محتاج البر هذا، حتى ولو كان أقل من قيمة الهدية هل لي أن أرد الهدية وأقول ما أستطيع؟
الشيخ : إلا أقبلها وأعطيه ذرة.
السائل : لا هو يريد النوع الآخر.
18 - فوائد حديث :( ابن عباس رضي الله عنهما قال : وهب رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة فأثابه عليها ... ). أستمع حفظ
سؤال عمن أهدى وهو يريد العوض ؟
الشيخ : إلا أقبلها وأعطيه ذرة.
السائل : لا هو يريد النوع الآخر.
الشيخ : أنت باختيارك لأن الهبة التي يراد بها الثواب حكمها حكم البيع.
السائل : لكن ما يكون الإنسان آثم إذا رد الهدية إذا قال.
الشيخ : لا لا ما يكون آثما ردها لغرض لو كل من أهدى إلينا شيئًا نعرف أنه يريد منا شيئًا آخر لزم أن نعطيه مشكل كان الواحد إذا شاف معي سيارة زينة طيبة أهدى إلى سيارة خيبة وقال عطني الطيبة ما يصير هذا، نعم؟
السائل : شيخ؟
ما حكم من يسأل بتلميح ويستدل بحديث: ( تهادوا تجابوا ) ؟
الشيخ : والله أرى إنه ما يجوز هذا يعني للتحريم أقرب، لأن هذا سؤال لكنه ليس بصريح سؤال بتلميح سؤال بتلميح، وأنت تعرف أن السؤال محرّم سؤال مخلوق إلا للضرورة، أما كل ما زاد الشيء عند واحد قلت تهادوا تحابوا نعم أو قمت ... تقول ما شاء الله يا زينه هذا من شريته وما أشبه ذلك هذا لا شك إنه ومن الاستشراف والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لعمر، ( ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك ).
السائل : ومن كان عن طيب نفس يا شيخ؟
الشيخ : ما هي طيبة نفسه لو هي عن طيب نفس أعطاه ببلاش بدون أن يعرض هو يجيه بالأحاديث نعم
السائل : أحسن الله إليك.
قلنا إن تشبيه فعل الإنسان بالحيوان لم يرد في الشرع إلا مورد الذم وهل يصح ضرب المثل للإنسان في الشجاعة بالأسد ؟
الشيخ : نعم.
السائل : هنا الرسول صلى الله عليه وسلم يحذر أسد الله وأسد رسوله
الشيخ : نعم هذا واضح إنه يضرب المثل بالأسد شجاعة.
السائل : إيه واضح.
الشيخ : شجاعة ماهو بالخسة لو قيل ما وجه الشبه وش تقول؟ الشجاعة، نعم؟
21 - قلنا إن تشبيه فعل الإنسان بالحيوان لم يرد في الشرع إلا مورد الذم وهل يصح ضرب المثل للإنسان في الشجاعة بالأسد ؟ أستمع حفظ
قلنا إنه ترد الهدية إذا كانت حراما ألا يرد علينا أن عمر رضي الله عنه أهدى له النبي صلى الله عليه ثوبا حريرا وقال له إني لم أهدك لك لتلبسه وإنما لتهبه ؟
الشيخ : نعم.
السائل : فذكر له ذلك فقال لم أهدك إياها لتلبسها ...
الشيخ : إيه لا لتلبسها صحيح هذا لأن هذا ما هو بحرام لعينه حرام استعماله على وجه، مثلًا واحد أهدى عليّ ثوب حرير إن قبلته لنفسي لألبسه حرام وإن قبلته لأعطيه كافرًا أو لأعطيه مثلا امرأة صار حلالًا.
السائل : شيخ؟
الشيخ : نعم أخذت أظن أخذت ولا لا؟
السائل : لا لا.
الشيخ : يالا.
22 - قلنا إنه ترد الهدية إذا كانت حراما ألا يرد علينا أن عمر رضي الله عنه أهدى له النبي صلى الله عليه ثوبا حريرا وقال له إني لم أهدك لك لتلبسه وإنما لتهبه ؟ أستمع حفظ
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها فهل إذا أهدى لي كافر هدية فهل أثيبه عليها ؟
الشيخ : ولو؟
السائل : ولو من يهودية؟
الشيخ : نعم؟
السائل : فضلًا عن المشرك لكن يا شيخ إذا كان أهدي إليّ هدية من نصراني هل أثيبه عليها يا شيخ؟
الشيخ : يعني من غير مسلم؟
السائل : إيه نعم.
الشيخ : أما ظاهر حديث عائشة أنه كان يقبل الهدية ويثيب عليها عام هذا الأصل، وربما يكون في إثابة الهدية لغير المسلم مصلحة تأليف وليعرف أن الإسلام بهذا المحاسن من الخلق الطيب، نعم؟
23 - كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها فهل إذا أهدى لي كافر هدية فهل أثيبه عليها ؟ أستمع حفظ
ها أي مال محرم لكسبه يجوز قبول هدية صاحبه كالسرقة ؟
الشيخ : لا هذا محرمة لعينه.
السائل : المسروق؟
الشيخ : إيه.
السائل : والمغتصب؟
الشيخ : وهذا كذلك المغتصب إذا علمت أن هذا مغصوب من زيد أو مسروق من زيد فهذا محرم لعينه.
السائل : لماذا يجب أن أخذ؟
الشيخ : حنا قلنا لا لا برضا من الطرفين، نعم يا محمد؟
السائل : بالنسبة يا شيخ إذا وهب رجل نفقة لولده ثم الرجوع فيها لكن بالتأجيل، يعني بدا له أن يؤجل هل الرجوع هنا حرام؟
الشيخ : وشلون؟
لو أعطى رجل نفقة لولده ثم رجع فيها بالتأجيل ؟
الشيخ : إيه.
السائل : ثم رجع فيها بالتأجيل؟
الشيخ : مافي بأس يعني مثلًا كان من عادته أن يعطيه كل سنة من أول السنة هاه؟
السائل : نعم.
الشيخ : كان يعطيه نفقة السنة من أول السنة ثم إنه رجع فيها على نية أنه متى احتاج دفع إليه.
السائل : بعد ما أعطاه إياه.
الشيخ : بعد ما أعطاه إياه لا بأس، نعم فهد؟
السائل : شيخ؟
ورد عنه أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يقبل الهدية من المعلم ؟
الشيخ : ممن؟
السائل : يعني الذي يعلمه لا يقبل هديته.
الشيخ : المعلَّم إذا أهدى إلى المعلِّم؟
السائل : نعم.
الشيخ : إيه.
السائل : من أي وجه.
الشيخ : ما له وجه إلا أنه يخشى أن تكون من الرشوة مثلًا عندنا الآن لو أهدى شخص إلى المعلم فأخشى أن يكون هذا من الرشوة، لاسيما أن بعض المعلمين تغلبه العاطفة فيتساهل مع الشخص عند التصحيح أو عند وضع الأسئلة وما أشبه ذلك فيكون هذا نوعًا من الرشوة، أما لو كان ما في تصحيح مثل علماءنا السابقين الذين يدرسوننا ولا يختبرون ولا يحابوننا بشيء فلا بأس أن نهدي إليهم، نعم؟
السائل : شيخ أحسن الله إليك يا شيخ.
هل يجوز أن أهدي لشخص شيء هو في اعتقادي محرم كأن أهدي للنصراني ثوبا من حرير ؟
الشيخ : إيه نعم لا بأس لأنه جائز لهم، نعم يا عبد الرحمن داود؟
السائل : يعني.
الشيخ : إيش تقول؟
السائل : إذا كان الصحابة يسألون.
الشيخ : إيش تقول؟
السائل : الرسول صلى الله عليه وسلم.
الشيخ : هاه؟
السائل : كان إذا جاء صحابي شيء يسألونه فيه فقال هل عندكم من ... وقال أيض في الذي رقى اضربوا لي معكم بسهم وهو ما يقبل الصدقة، وأيضًا لم يقل لهم هذه هدية ما نقول يا شيخ أن هذا حق للنبي صلى الله عليه وسلم فيه من باب الخمس؟
سؤال عن قصة رقية أبي سعيد الخدري رئيس القوم وطلب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أن يضربوا له بسهم من تلك العطية فهل هذا من حقه في تلك الهبة ؟
الشيخ : لا لا ما ظاهر إنه بالخمس لأن هذا عمل استحقوه على عمل فهو لهم، لكن هذا من باب أن يطمئن قلوبهم هذا المقصود.
السائل : ... النية.
الشيخ : هم يبي يفرحون هم لما قال أعطوني ... يدخل عليهم هذا ما يعطونه الرسول أحد مما يأكلونه.
السائل : بس.
الشيخ : إيه نعم.
السائل : ما هو الذي يعين؟
الشيخ : نعم.
السائل : ما هو الذي يعين أن تكون هذه هي النية؟
الشيخ : لأنها بلا عوض ما يمكن الصدقة الرسول ما يأكل الصدقة الآن بنو هاشم ما يأكلون الصدقة إما الزكاة وإما مطلقًا كما اختلف فيه العلماء كيف الرسول يأكلها؟
الطالب : هم يقولون أن هذه صدقة.
طالب آخر : لا ... أن يكون حق ... يعني لما لم يكن هذا.
الشيخ : لا لا ما هو حق ماهو حق لا لا أراد هذا أن يطمئن قلوبهم فقط إيه أخذنا الفوائد أظن فيما سبق؟
الطالب : لا لا ...
الشيخ : من آخر شيء؟
الطالب : حاجة واحدة.
الشيخ : طيب ماهي الفائدة اللي أخذنا ... بالأخير؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم.
28 - سؤال عن قصة رقية أبي سعيد الخدري رئيس القوم وطلب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أن يضربوا له بسهم من تلك العطية فهل هذا من حقه في تلك الهبة ؟ أستمع حفظ
تتمة فوائد حديث: ( ابن عباس رضي الله عنهما قال : وهب رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة فأثابه عليها ... ).
من فوائد الحديث أيضًا: أن هبة الثواب إذا لم يشترط فيها شيء معين فإنها ترجع إلى اختيار الواهب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول له رضيت رضيت فإذا لم يرض فإنها ترد عليه حتى وإن أعطي مثل قيمتها ولم يرض فإنها ترد إليه، لأنها بمنزلة البيع والبيع لابد فيه من الرضا، ثم قال المؤلف رحمه الله فيما نقل عن جابر رضي الله عنه.
29 - تتمة فوائد حديث: ( ابن عباس رضي الله عنهما قال : وهب رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة فأثابه عليها ... ). أستمع حفظ
وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( العمرى لمن وهبت له ) . متفق عليه ، ولمسلم : ( أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها ، فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حياً وميتاً ولعقبه ) . وفي لفظ : إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول : هي لك ولعقبك ، فأما إذا قال : هي لك ما عشت ، فإنها ترجع إلى صاحبها . ولأبي داود والنسائي : ( لا ترقبوا ، ولا تعمروا فمن أرقب شيئاً أو أعمر شيئاً فهو لورثته ) .
هذه الأحاديث أو هو حديث واحد حديث جابر رضي الله عنه فيه بيان العمرى والرقبى، العمرى فُعلى على وزن فعلى مأخوذة من العمر والرقبى على وزن فُعلى أيضًا مأخوذة من المراقبة وكلاهما بمعنى واحد على القول الراجح، وهي أن يهب الإنسان شيئًا لشخص هبة مقيدة بعمره أن يهبه هبة مقيدة بعمره فيقول: وهبتك هذه عمرك أو يقول: أعمرتك هذه أو أرقبتك هذه وما أشبه ذلك.
إذن فهي نوع من أنواع الهبة لكنها مقيدة بالعمر، ولها ثلاث صور، الصورة الأولى: أن يصرّح بأنها لها ولعقبه فيقول أعمرتك هذا البيت لك ولعقبك.
الصورة الثانية: أن يصرّح بأنها له مدة عمره فقط فيقول: أعمرتك هذا البيت مدة حياتك ثم هو لي هاتان الصورتان الأمر فيهما واضح، في الصورة الأولى تكون للمعمَر ولعقبه يجري فيها الميراث ويكون قوله هي لك ولعقبك من باب التوكيد، لأن مقتضى الهبة أن تكون للموهوب له ولعقبه واضح.
الصورة الثانية: أن يقول هي لك ما عشت فإذا مت فإنها ترجع إليّ أو يقول هي لك ما عشت وليس لعقبك منها شيء هذه الصورة أيضًا واضحة ترجع إلى من ترجع إلى المعمِر، لأنه قيدها بماذا؟ قيدها قيدها في حياته وأنه ليس لعقبه منها شيء وهذه أشبه ما تكون بالعارية إلا أنها تختلف عنها بأنها لو تلفت فليس على المعمَر ضمان لأنها موهوبة له في هذه المدة.
الصورة الثالثة: أن يطلق فيقول أعمرتك هذا البيت فقط أعمرتك هذا البيت فهذه المسألة تكون للمعمر ولعقبه يعني تكون كالصورة الأولى أو الثانية؟
الطالب : الأولى.
الشيخ : الأولى، يعني أنها له ولعقبه فلا ترجع إلى المعمِر هذا هو الذي يدل عليه حديث جابر رضي الله عنه أنها على هذا التفصيل وهذا هو الموافق للقواعد العامة، لأن القواعد العامة أن المسلمين على شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرّم حلالًا فإنه يسقط.
فلننظر الآن إلى الحديث يقول جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( العمرى لمن وهبت له ) العمرى ما هي الهبة المقيدة بالعمر لمن وهبت له يعني ملكًا، وإذا كانت له فإنه يجري فيها الميراث، أي أنه إذا مات المعمر رجعت إلى من إلى ورثته على حسب الميراث، وهذا نص صريح بأن العمرى لمن وهبت له لكن المراد بها العمرى المطلقة يعني التي لم تقيد بعمر المعمَر ولم تقيد بأنها له ولعقبه، لأنه إذا قيدت بأنها له ولعقبه فأمرها واسع لكن إذا أطلق سيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لمن وهبت له ) ولمسلم: ( أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حيًّا وميتًا ولعقبه ) ( أمسكوا عليكم أموالكم ) الخطاب لمن للمعمرين الواهبين ( ولا تفسدوها ) يعني بإخراجها عن ملككم، فالمراد بالإفساد هنا ليس الإفساد اللي هو ضد الإصلاح، بل المراد إخراجها عن ملكك يعني أمسكوها ولا تخرجوها عن ملككم، وذلك لأن العمرى يخرج بها الملك من المعمِر إلى المعمَر ولهذا فرّع عليها قوله: ( فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حيًّا وميتًا ولعقبه ) إذن لا تظن أنك إذا قلت أعمرتك هذا البيت أن البيت سيرجع إليك بل يكون لمن للمعمَر وحينئذ يفسد عليك، كيف يفسد عليك على المعمِر كيف يفسد على المعمِر؟ لأنه خرج عن ملكه وفسد تصرفه فيه لم يملك أن يتصرف، فكأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول تصرفوا على بصيرة فإنكم إن أعمرتم شيئًا أفسدتموه على أنفسكم ونقلتم ملكه إلى من إلى المعمر حيًّا وميتًا ولعقبه.
وقوله: ( حيًّا ) واضح أنه له حيا لكن ميتًا ولعقبه كيف يكون أو كيف تكون هذه العمرى له ميتًا ولعقبه نقول يمكن مثل أن يوصي بثلث ماله مثلًا إذا أوصى بثلث ماله ومن جملة هذه العمرى صارت له إيش؟ ميتًا والثلثان للورثة لعقبه، فكأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول هي له في حياته وبعد مماته ولعقبه، أو يقال له حيًّا وميتًا فيما لو أوقفها على أعمال بر ومات فإن ثوابها يكون بعد موته لمن له، لأنها تكون له أي للمعمَر أما عقبه فهو إذا أوقفها خرجت عن ملكه وعن ملكهم أيضًا، فصار قوله: ( ميتًا ولعقبه ) لها صورتان، الصورة الأولى: أن يوصي بالثلث فإذا أوصى بالثلث صار ثلث المعمَر داخلًا في الوصية والثلثان لمن؟ للورثة.
الصورة الثانية: أن يوقف هذا الذي أعمره فيقول هذا وقف في سبيل الله فحينئذ تكون له ميتا، وهل لعقبه منها شيء؟ في هذه الصورة ليس لعقبه منها شيء فيكون قوله: ميتًا ولعقبه على وجه التوزيع إما له خالصة إذا وقفها، وإما لعقبه خالصة إذا لم يوص بشيء فتكون كلها لعقبه.
على كل حال هذا الحديث يدل على أن العمرى تكون ملكًا تامًّا لمن للمعمَر يجري فيها الميراث والوصية وكل شيء ثم قال: وفي لفظ: " إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول هي لك ولعقبك " يعني يقول أمرتك هذا البيت لك ولعقبك وهذه هي الصورة الأولى التي ذكرناها المقيدة بأنها له ولعقبه.
طيب " فأما إذا قال: هي لك ما عشت " فإنها ترجع إلى صاحبها إذا قال هي لك ما عشت ما هنا مصدرية ظرفية يحوّر الفعل معها إلى ظرف ومصدر فيكون التقدير مدة عيشك، فإذا قال لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها من صاحبها المعمِر بالكسر المعمِر، إذن ذكر في الحديث صورتين الصورة المقيدة بأنها له ولعقبه والصورة الثانية: المقيدة بأنها له ما عاش وش بقي علينا؟ الصورة المطلقة التي يقول أعمرتك هذا البيت ولا يقول ما عشت ولا يقول لك ولعقبك وهذه تكون هبة تامة تكون للمعمَر حيًّا وميتًا ولعقبه.
خلاصة الكلام: أن العمرى نوع من أنواع الهبة وأن لها ثلاث صور، تارة تقيد بحياة الإنسان، وتارة تقيد بأنها له ولعقبه، وتارة تطلق، فإذا قيّدت بحياة الإنسان رجعت إلى المعمِر إذا قيدت بأنها له ولعقبه فهي له ولعقبه للمعمَر ولعقبه إذا أطلقت فهي للمعمَر ولعقبه.
طيب ولأبي داود والنسائي: ( لا ترقبوا ولا تعمروا ) الرقبى قلنا إنها هي العمرى في الحقيقة لكن سميت بذلك لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه، فإن المعمِر أو المرقِب يرقب موت المرقَب إذا مات سوف ترجع إليه ويقول: ( فمن أرقب شيئًا أو أعمر شيئًا فهو لورثته ) يعني من بعده ما هو قبل أن يموت لكن لورثته من بعده وهذا كالحديث السابق.
30 - وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( العمرى لمن وهبت له ) . متفق عليه ، ولمسلم : ( أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها ، فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حياً وميتاً ولعقبه ) . وفي لفظ : إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول : هي لك ولعقبك ، فأما إذا قال : هي لك ما عشت ، فإنها ترجع إلى صاحبها . ولأبي داود والنسائي : ( لا ترقبوا ، ولا تعمروا فمن أرقب شيئاً أو أعمر شيئاً فهو لورثته ) . أستمع حفظ
فوائد حديث :( العمرى لمن وهبت له ... ).
ثانيًا: اعتبار الشروط في العقود تؤخذ من رواية مسلم: " إذا قال هي لك ولعقبك فأما إذا قال هي لك ما عشت فإنها ترجع " وهذا قد دلّ عليه القرآن ودلت عليه السنة في مواضع كثيرة فقال الله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود )) والأمر بالإيفاء بالعقود أمر بإيفاء أصل العقد ووصفه الذي هو الشروط، وقال تعالى: (( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولًا )) وقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مئة شرط ) مفهومه كل شرط في كتاب الله فهو صحيح، طيب وقال صلى الله عليه وسلم: ( المسلمون على شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرّم حلالًا ) وعلى هذا فالشروط في العقود جائزة ما لم تتضمن حرامًا، فإن تضمنت حرامًا فهي حرام، لو قال المقرِض مثلًا للمقترض أقرضتك ألف ريال على أن تخدمني كل يوم ساعة؟
الطالب : حرام.
الشيخ : هاه؟ صحيح الشرط؟
الطالب : لا.
الشيخ : حرام لماذا؟ لأنه أحل حرامًا إذ أن المقترض لا يجوز أن ينتفع من المقرِض بشيء حتى الهدية، لو أهدى إليه المقترض لا يجوز له قبولها، لأن كل قرض جر نفعًا فهو ربا، هذه القاعدة المعروفة عند أهل العلم طيب.
من فوائد هذا الحديث: إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاحتفاظ بالأموال لقوله أمسكوا عليكم أموالكم، وهذا يدل بالمفهوم على النهي عن إضاعة الأموال، وقد دل عليه الكتاب والسنة النهي عن إضاعة المال دلّ عليه الكتاب والسنة قال الله تعالى: (( كلوا واشربوا ولا تسرفوا )) وقال تعالى (( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا )) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن إضاعة المال وأن الإنسان يسأل عن ماله فيما أنفقه، وهذا يدل على وجوب حفظ الأموال حتى لو كان الإنسان غنيًّا لا يجوز له أن يبذر، كما قال الله تعالى في وصف عباد الرحمن: (( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا )) هنا بعد لما قال بين ذلك فيه احتمال أن يكون إلى التقصير أكثر أو إلى الإسراف أكثر، فإن كان إلى التقصير أكثر كان مذمومًا، وإن كان إلى الإسراف أكثر كان مذمومًا، ولهذا قيدها بقوله: (( قوامًا )) يعني مستقيمًا ليس فيه ميل إلى هذا ولا إلى هذا طيب.
من فوائد هذا الحديث: أن الرقبى التي تمضي للمرقب أو المعمر تكون إذا أطلقت وإذا قيّدت بأنها له ولعقبه أي في صورتين، وأنها إذا قيدت برجوعها إلى المعمِر أو المرقِب فإنها ترجع إليه.
ثم قال المؤلف: وعن عمر رضي الله عنه قال حملت على فرس في سبيل الله.