تفسير قوله تعالى:لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً " حفظ
(( لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً )): نفى فيها البرد الذي تكون به برودة ظاهر الجسم، والشراب الذي يكون فيه برودة داخل الجسم، وذلك لأنهم والعياذ بالله كما قال الله تعالى : (( وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً ))، وهل الماء الذي كالمهل وإذا قرب من الوجه شوى الوجه هل ينتفع به صاحبه؟ الجواب: لا، بل بالعكس (( سقوا ماءً حميماً فقطع أمعائهم )) ، أما في ظاهر الجسم فقد قال الله تعالى: (( خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم . ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ))، وقال تعالى: )) يصب من فوق رؤوسهم الحميم . يصهر به ما في بطونهم والجلود ((، ما في بطونهم من الأمعاء، والجلود ظاهر الجسم، فمن كان كذلك فإنهم لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً يطفئ حرارة بطونهم، ومن تدبر ما في القرآن والسنة من الوعيد الشديد لأهل النار فإنه كما قال بعض السلف:" عجبت للنار كيف ينام هاربها، وعجبت للجنة كيف ينام طالبها ". إننا لو قال لنا قائل: إن لكم في أقصى الدنيا قصوراً وأنهاراً وزوجات وفاكهة لكنا نسير على أهداب أعيننا ليلاً ونهاراً لنصل إلى هذه الجنة التي بها هذا النعيم العظيم، والتي نعيمها دائم لا ينقطع، وشباب ساكنها دائم لا يهرم، وصحته دائمة ليس فيها سقم، أعتقد أننا لو وجدنا ذلك لكنا نسير على أهداب أعيننا لكي نصل إلى هذا المكان، وانظروا إلى الناس اليوم يذهبون إلى مشارق الأرض ومغاربها لينالوا درهماً من الدنيا أو ديناراً قد يتمتعون به وقد لا يتمتعون به، فما بالنا نقف هذا الموقف من طلب الجنة وهذا الموقف من الهرب من النار، نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من النار، وأن يجعلنا وإياكم من أهل الجنة.(( لابثين فيها أحقاباً. لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً.إلا حميماً وغساقاً...))الخ، وسنؤجل الباقي إلى الدرس القادم إن شاء الله تعالى لنتفرغ للإجابة على أسئلتكم، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وجعلنا وإياكم من المنتفعين بكتابه التالين له حق تلاوته إنه جواد كريم.