تفسير قوله تعالى:" ويلٌ يومئذٍ للمكذبين. الذين يكذبون بيوم الدين " حفظ
(( ويل يومئذ للمكذبين )) ويل سبق الكلام عليها في أول هذه السورة، وقلنا إنها كلمة وعيد يتوعد الله بها الذين استحقوا الوعيد وهي كثيرة في القرآن الكريم. (( ويل يومئذ للمكذبين . الذين يكذبون بيوم الدين )) والكلام كله في يوم الدين من أول السورة إلى آخرها كله في يوم الدين والجزاء، هؤلاء الذين يكذبون بيوم الدين توعدهم الله بالويل، لأن هؤلاء المكذبين بيوم الدين لا يمكن أن يستقيموا على شريعة الله. لا يستقيم على شريعة الله إلا من آمن بيوم الدين، لأن من لم يؤمن به وإنما آمن بالحياة فقط، فهو لا يهتم بما ورائها، ولا يعمل لذلك، وإنما يبقى كالأنعام يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم.ولهذا أظنكم تعلمون معي أن والله يقرن الإيمان به بالإيمان باليوم الآخر دائماً، لأن الإيمان بالله ابتداء والإيمان باليوم الآخر انتهاء. فتؤمن بالله ثم تعمل لليوم الآخر الذي هو المقر، فهؤلاء ـ والعياذ بالله ـ كذبوا بيوم الدين، ومن كذّب به لا يمكن أن يعمل له أبداً، لأن العمل مبني على عقيدة، فإذا لم يكن هناك عقيدة فكيف تعمل؟، ولهذا قال: (( وما يكذب به إلا كل معتدٍ أثيم )) يعني ما يكذب بيوم الدين وينكره (( إلا كل معتد أثيم )): أي(( معتد )) في أفعاله (( أثيم )) في أقواله، وقيل: (( معتد )) في أفعاله (( أثيم )) في كسبه أي أن مآله إلى الإثم، والمعنيان متقاربان، المهم أنه لا يمكن أن يكذّب بيوم الدين إلا رجل معتد أثيم، آثم كاسب للآثام التي تؤدّي به إلى نار جهنم نعوذ بالله .