تفسير قوله تعالى:" ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم " وهل السؤال يكون للمؤمن أو للكافر أو معا؟ حفظ
(( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم )) يعني: ثم في ذلك الوقت في ذلك الموقف العظيم تسألن عن النعيم، واختلف العلماء رحمهم الله في قوله: (( لتسألن يومئذ عن النعيم )) هل المراد الكافر، أم المراد المؤمن والكافر؟ والصواب: أن المراد المؤمن والكافر كل يسأل عن النعيم، لكن الكافر يسأل سؤال توبيخ وتقريع، والمؤمن يسأل سؤال تذكير، والدليل على أنه عام ما جرى في قصة النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر، حيث خرجوا ذات يوم من الجوع، فذهبوا إلى بستان رجل يقال له أبو الهيثم بن التيهان، فاستأذنوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( السلام عليكم )، وكانت امرأته وراء الباب فلم ترد عليهم، فقال :( السلام عليكم ) فلم ترد، فقال: ( السلام عليكم ) فلم ترد، فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لأن الإنسان إذا استأذن ثلاثاً ولم يؤذن له فإنه يرجع، فلحقتهم وقالت: إني سمعت سلامكم، ولكني أحببت أن أزداد في الخير، الرسول يدعوا في السلام عليهم، ولاسيما أنه تكرر من الرسول صلى الله عليه وسلم، فرجعوا فسألوا عن زوجها، فقالت: إنه ذهب يستعذب الماء، أي يأتي بالماء العذب الطيب، فجلسوا ثم جاء الرجل ففرح بهم فرحاً عظيماً، وقال: إنه لا أحد أكرم أضيافاً مني اليوم، ثم قطع لهم عذقاً من نخل وأتى بها، وأعطاه بين أيديهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:( هلا جنيت؟ ) - جنيت يعني خرفت-، وتعلمون أن الخراف أن يجني الإنسان الرطب فقط، فقال: أردت يا رسول الله أن يكون بين أيديكم البُسر والرطب والمذنَّب، لأن العذق يشمل هذا وهذا، ويشمل كل الثلاثة، فأكلوا ثم دعوا بالماء فشربوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ( ماء طيب، وطعام طيب، وظل طيب، لتسألن يومئذ عن النعيم )، وهذا يدل على أن الذي يُسأل المؤمن والكافر، ولكن يختلف السؤال، سؤال المؤمن سؤال إيش؟ تذكير بنعمة الله عز وجل عليه حتى يفرح، ويعلم أن الذي أنعم عليه في الدنيا أكرم من أن يهينه في الآخرة، بمعنى أنه إذا تكرم بنعمته عليه في الدنيا تكرم عليه بنعمته في الآخرة، أما الكافر فإنه سؤال توبيخ وتنديم، أسأل الله تعالى أن يستعملنا وإياكم في طاعته، وأن يجعل ما رزقنا معونًا على طاعته، إنه على كل شيء قدير.