شرح قول الناظم: وراحوا إلى التعريف يرجون رحمة.... ومغفرة ممن يجود ويكــــــرم فلله ذاك الموقف الأعطم الذي..... كموقف يوم العرض بل ذاك أعظم ( الكلام على هول يوم القيامة ) حفظ
الشيخ : قال " ورَاحُوا إلى التَّعْريفِ يَرْجُونَ رحمةً *** ومغفرةً مِمَّن يجودُ ويُكرِمُ "
من المعلوم أن المؤلف رحمه الله طوى ذكر المبيت بمنى ، فقال راحوا إلى التعريف وذلك لأن الأصل والمقصود هو الوقوف بعرفة ، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( الحجُّ عرفة َ) يرجون رحمة ومغفرة من الله عز وجل الذي يجود بالخير ، و يكرم أولياءه.
" فلِلهِ ذاكَ الموقفُ الأعظمُ الذي ***كموقفِ يومِ العَرْضِ بلْ ذاكَ أعظمُ "
موقف عرفة يقول : كموقف يوم العرض، بل ذاك - أي موقف يوم العرضِ - أعظم، ما في شك أنه أعظم لأنه يجمع الأولين و الآخرين ، والمؤمنين و الكافرين ، و الآدميين وغير الآدميين. أما هذا لا يجمع إلا من حج فقط ! وهم طائفة قليلة بالنسبة للعرض لموقف العرض. لكنه في الحقيقة مشهد مصغّر لمشهد العرض. تجد الناس من أنواع شتى مختلفين في هيئاتهم و أجسامهم ، وألوانهم وأحوالهم ، و ألسنتهم وأعمالهم وقلوبهم ، من كل وجه مختلفين. هذا يذهب وهذا يجيء وهذا ساكن وهذا متحرك ، فإذا شهدت الناس في هذا الدفع كأنما تتذكر يوم القيامةِ ، ولاسيما عند الانصراف وأنت تشهد هؤلاء الناس كأنهم جراد منتشر ،كالفراش المبثوث كما قال الله عز وجل إذا شاهدتهم سبحان الله العظيم! يعني تخنقك العبرة ، ما تستطيع أن تملك نفسك حتى تبكي ، تشاهد هؤلاء القوم ، كيف الموقف العظيم الذي مقداره خمسون ألف سنة ومع ذلك في ذلك الموقف (( يفرّ المرء من أخيه ، وأمه وأبـيه ، وصاحبته وبنيه )) ، كذلك أيضا يفر من فصيلته التي تؤويه ، قبيلته التي كان يأوي إليها في الدنيا ، يفر منها يوم القيامة ، إذن ذلك المشهد مشهد يوم القيامة ـــ أعظم من مشهد يومِ عرفةَ ، لكن مشهد يوم عرفة لاشك أنه مشهد مصغر يعتبر به الإنسان ما يكون في ذلك الموقف العظيم .