قال الله تعالى : << ومن أظلم من ذكر بئايات ربه فأعرض عنهم و نسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه و في ءاذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا >> حفظ
قال الله عز وجل : (( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ )) (( من أظلم )) مرت علينا أولاً في أول السورة وهذه فكيف نجمع بنيهما (( من أظلم )) (( من أظلم )) لأن (( من أظلم )) معناها لا أحد أظلم ، وهذا قد يفيد التناقض أول السورة ماذا قال الله عز وجل ؟ (( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا )) وهنا يقول : (( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا )) تناقض ، أحسن ما قيل في هذا : أن كل معنى فهو بالنسبة لما كان يماثل يعني من أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها من الذين يذكرون فيعرضون ، قد يذكر الإنسان بشيء ويعرض لكن أشد ما يكون أن يذكر بإيش ؟ بآية الله ثم يعرض ، هذا أشد شيء ، في افتراء الكذب ، قد يفتري الإنسان الكذب على فلان وفلان لكن أظلم ما يكون افتراءً عليه هو الله عز وجل ، وأنت إذا أخذت بهذه القاعدة سلمت من إشكالات كثيرة أما القول : بأن أظلم وأظلم يشترك المعنيان بالأظلمية فهذا فيه نظرية وإن كان قد قيل به ، لأنه لا يمكن أن نقول : (( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا )) إنه يساوي من افترى على الله كذباً ، (( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا )) طيب (( بآيات ربه )) الكونية ولا الشرعية ؟ نعم الكونية والشرعية ، الكونية أن يقال له : إن كسوف الشمس والقمر يخوف الله بهما عباده فيعرض عن هذا ويقول : أبداً خسوف القمر طبيعي وكسوف الشمس طبيعي ولا إنذار نذر ، هذا إعراض ، أما الآيات الشرعية فكثير يذكر بآيات الله ولكنه يعرض (( وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ )) يعني نسي ما قدمت يداه من الكفر والمعاصي والاستكبار وغير ذلك مما يمنعه عن قبول الحق لأن الإنسان والعياذ بالله كلما أوغل في المعاصي ازداد بعداً عن الإقبال عن الحق كما قال الله عز وجل : (( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ))[الصف:5] ، ولذلك يجب أن تعلم أن من أشد عقوبات الذنوب أن يعاقب الإنسان بمرض القلب والعياذ بالله ، الإنسان إذا عوقب بهلاك حبيب أو فقد محبوب من المال هذه عقوبة بلا شك لكن إذا عوقب بانسلاخ القلب نسأل الله العافية هذه أشد ما يكون من عقوبة ، يقول ابن القيم رحمه الله : " والله ما خوف الذنوب فإنها لعلى طريق العفو والغفران وإنما أخشى انسلاخ القلب من تحكيم هذا الوحي والقرآن " هذا الذي يخشاه الإنسان العاقل أما المصائب الأخرى فهي كفارات وما ضاع يأتي بدله . يقول الله عز وجل : (( إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ )) (( إنا جعلنا )) أي صيرنا (( على قلوبهم )) قلوب من ؟ من ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ، وأعيد الضمير على مفرد باعتبار المعنى ، (( إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً )) يعني أغطية والعياذ بالله (( أَنْ يَفْقَهُوهُ ))