قال الله تعالى : << و تلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا >> حفظ
(( وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا )) (( وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ )) قد يقول قائل : فيه إشكال (( (( تِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ )) والقرى جماد ، والجماد لا يعود عليه الضمير بصيغة الجمع ، يعني ما تقول مثلاً : هذه البيوت مثلاً عمرناهم ، لا ، هذه البيوت عمرناها ، تلك القرى أهلكناها ، فلماذا قال : (( أهلكناهم )) ؟ قال هذا : لأن الذي يهلك هم أهل القرى ، وفي هذا دليل واضح على أن القرى قد يراد بها أهلها وقد يراد بها البناء المجتمع ، أفهمتم ؟ القرية الآن أو القرى تارة يراد بها أهلها وتارة يراد بها المساكن المجتمعة ، قال الله تعالى : (( وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ))[القصص:59] ، المراد بالقرى هنا أهلها لأن الله قال في نفس الآية : (( إلا وأهلها ظالمون )) ، وقد يراد بها البناء المجتمع ، المجتمع يسمى قرية . يقول الله عز وجل : (( وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا )) والمراد بالظلم هنا الكفر ، (( وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا )) يعني جعلنا لإهلاكهم موعداً ، والله عز وجل يفعل ما يشاء إن شاء عجل بالعقوبة وإن شاء أخر لكن إذا جاء الموعد لا يتأخر ولهذا قال نوح عليه الصلاة والسلام لقومه : (( يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ ))[نوح:4] ، إذا جاء لا يمكن أن يؤخر ولكنه أجل معين عند الله عز وجل في الوقت الذي تقتضيه حكمته