التعليق على تفسير الجلالين : (( إن هذا )) الذبح المأمور به (( لهو البلاؤا المبين )) أي الاختبار الظاهر (( وفديناه )) أي المأمور بذبحه ، وهو إسماعيل ، أو إسحاق : قولان (( بذبح )) بكبش (( عظيم )) من الجنة : وهو الذي قربه هابيل ، جاء به جبريل فذبحه السيد إبراهيم مكبرا . حفظ
طيب يقول (( إنا كذلك نجزي المحسنين )) " إن هذا الذبح المأمور به لهو البلاء المبين أي الاختبار الظاهر " هذه الجملة مؤكدة بمؤكدين أولهما إن والثاني اللام بل الثالث ضمير الفصل مافي قسم مقدر (( إن هذا لهو البلاء المبين )) ولاشك أن الأمر كما قال ربنا عز وجل أنه بلاء مبين اختبار عظيم ظاهر أن أمر بذبح ابنه الذي فيه هلاكه وموته على يده والواحد منا قد لا يطيق الصبر على موت ابنه الذي جرى بفعل الله عز وجل فكيف يصبر على أن يذبح ابنه بيده ولهذا قال الله عز وجل (( إن هذا لهو البلاء المبين )) أي الاختبار الظاهر ففسر المؤلف المبين هنا بايش ؟ بالبين ولكن يحتمل أن يكون المراد به المبين المظهر يعني الذي أظهر حقيقة إبراهيم عليه الصلاة السلام وأنه يقدم محبة الله على ما يحب قال أهل العلم ولهذا جعله الله تعالى خليلا له والخلة هي أعلى أنواع المحبة حيث قدم عليه الصلاة والسلام ما يحبه الله على ما تحبه نفسه (( إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه )) " أي المأمور بذبح وهو إسماعيل أو إسحاق قولان بذبح بكبش عظيم من الجنة وهو الذي قربه هابيل جاء به جبريل عليه السلام فذبحه إبراهيم مكبرا " فديناه بذبح عظيم فدينا من ؟ الذبيح يعني الذي أمر بذبح أي جعل الله له فداء فنقل الأمر من ذبح هذا الولد إلى ذبح الكبش لأن الشيء الذي يقع فداء للشيء يكون بدلا عنه ونائبا منابه فانتقل الأمر من ذبح هذا المولود إلى ذبح كبش فصار فداء له وقوله (( بكبش عظيم )) الكبش هو الكبير من الضأن يعني الكبير الجسم وزيد في ذلك قوله (( عظيم )) يعني أنه من عظيم الكباش ثم ما هذا الكبش يقول المؤلف " إنه الذي قربه هابيل " كيف قربه هابيل ؟ وهو أخو قابيل وكان قد قرب قربانا فتقبل منه وقرب قابيل قربانا فلم يتقبل منه فحسده قابيل وقال له لأقتلنك قال له هابيل إنما يتقبل الله من المتقين يعني فلو اتقيت الله لقبل منك والقصة معروفة في ابني آدم عليه السلام ولكن ما قاله المؤلف دعوى تحتاج إلى دليل وليس فيه دليل من الكتاب والسنة بل إن الدليل على خلافها لأن القربان الذي تقرب به هابيل لا يتعين أن يكون كبشا ثم على فرض أنه كبش فإنه قد ذبح وأكل (( ولن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى )) منكم لكن هذا مما يأخذه بعض المفسرين عن الإسرائيليات ولا أن يؤخذ عن الإسرائيليات مثل هذا الكلام لأن هذا كلام يقطع بكذبه وأخبار بني إسرائيل إذا كان يقطع بكذبها لا يجوز نقلها إلا على سبيل التكذيب لها وأما قول المؤلف رحمه الله "وهو إسماعيل أو إسحاق قولان " فالأمر كما ذكر اختلف العلماء رحمهم الله من هو الذي أمر بذبحه هل هو إسماعيل أو إسحاق والصحيح أنه إسماعيل بل إنه هو المتعين لأن الأوصاف التي ذكرت للذبيح ليست هي الأوصاف التي ذكرت لإسحاق كما يظهرذلك بالتأمل في الآيات ولأن الله تعالى قال في هذه القصة بعد أن ذكر قصة الذبح قال (( وبشرناه بإسحاق نبينا من الصالحين )) ولم يذكر ما جرى بعد هذه البشارة فتعين أن يكون الذبيح هو إسماعيل والله أعلم